responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 161
وَإِمَّا بِأَكْثَرَ يُخْتَلَفُ مِنْ ذَلِكَ فِي اثْنَيْنِ ; وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا قَبْلَ الْأَجَلِ نَقْدًا بِأَقَلَّ مِنَ الثَّمَنِ، أَوْ إِلَى أَبْعَدِ مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلِ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ.
فَعِنْدَ مَالِكٍ، وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَدَاوُدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ: يَجُوزُ.
فَمَنْ مَنَعَهُ فَوَجْهُ مَنْعِهِ اعْتِبَارُ الْبَيْعِ الثَّانِي بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، فَاتَّهَمَهُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا قَصَدَ دَفْعَ دَنَانِيرَ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا إِلَى أَجَلٍ، وَهُوَ الرِّبَا الْمَنْهِيُّ عَنْهُ، فَزَوَّرَ لِذَلِكَ هَذِهِ الصُّورَةَ لِيتَوصَّلَا بِهَا إِلَى الْحَرَامِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ لِآخَرَ: أَسْلِفْنِي عَشَرَةَ دَنَانِيرَ إِلَى شَهْرٍ، وَأَرُدُّ إِلَيْكَ عِشْرِينَ دِينَارًا، فَيَقُولُ: هَذَا لَا يَجُوزُ، وَلَكِنْ أَبِيعُ مِنْكَ هَذَا الْحِمَارَ بِعِشْرِينَ إِلَى شَهْرٍ، ثُمَّ أَشْتَرِيهِ مِنْكَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا.
وَأَمَّا فِي الْوُجُوهِ الْبَاقِيَةِ فَلَيْسَ يُتَّهَمُ فِيهَا لِأَنَّهُ إِنْ أَعْطَى أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلِ لَمْ يُتَّهَمْ.
وَكَذَلِكَ إِنِ اشْتَرَاهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ إِلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلِ، وَمِنَ الْحُجَّةِ لِمَنْ رَأَى هَذَا الرَّأْيَ حَدِيثُ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهَا سَمِعَتْهَا وَقَدْ قَالَتْ لَهَا امْرَأَةٌ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي بِعْتُ مِنْ زَيْدٍ عَبْدًا إِلَى الْعَطَاءِ بِثَمَانِمَائَةٍ فَاحْتَاجَ إِلَى ثَمَنِهِ، فَاشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ قَبْلَ مَحِلِّ الْأَجَلِ بِسِتِّمِائَةٍ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: بِئْسَمَا شَرَيْتِ، وَبِئْسَمَا اشْتَرَيْتِ، أَبْلِغِي زَيْدًا أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنْ لَمْ يَتُبْ، قَالَتْ: أَرَأَيْتِ إِنْ تَرَكْتُ وَأَخَذْتُ السِّتَّمِائَةِ دِينَارٍ؟ قَالَتْ: فَهُوَ، {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: 275] » . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ: لَا يَثْبُتُ حَدِيثُ عَائِشَةَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ زَيْدًا قَدْ خَالَفَهَا، وَإِذَا اخْتَلَفَتِ الصَّحَابَةُ فَمَذْهَبُنَا الْقِيَاسُ، وَرُوِيَ مِثْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَأَمَّا إِذَا حَدَثَ بِالْمَبِيعِ نَقْصٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، فَإِنَّ الثَّوْرِيَّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْكُوفِيِّينَ أَجَازُوا لِبَائِعِهِ بِالنَّظِرَةِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ نَقْدًا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ، وَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ.
وَالصُّوَرُ الَّتِي يَعْتَبِرُهَا مَالِكٌ فِي الذَّرَائِعِ فِي هَذِهِ الْبُيُوعِ هِيَ أَنْ يَتَذَرَّعَ مِنْهَا إِلَى: أَنْظِرْنِي أَزِدْكَ، أَوْ إِلَى بَيْعِ مَا لَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا، أَوْ بَيْعِ مَا لَا يَجُوزُ نَسَاءً، أَوْ إِلَى بَيْعٍ، وَسَلَفٍ، أَوْ إِلَى ذَهَبٍ، وَعَرَضٍ بِذَهَبٍ، أَوْ إِلَى: ضَعْ وَتَعَجَّلْ، أَوْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ، أَوْ بِيعٍ وَصَرْفٍ، فَإِنَّ هَذِهِ هِيَ أُصُولُ الرِّبَا.
وَمِنْ هَذَا الْبَابِ اخْتِلَافُهُمْ فِيمَنْ بَاعَ طَعَامًا بِطَعَامٍ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، فَمَنَعَهُ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَجَمَاعَةٌ، وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيُّ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ وَجَمَاعَةٌ. وَحُجَّةُ مَنْ كَرِهَهُ أَنَّهُ شَبِيهٌ بِبَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسَاءً، وَمَنْ أَجَازَهُ لَمْ يَرَ ذَلِكَ فِيهِ اعْتِبَارًا بِتَرْكِ الْقَصْدِ إِلَى ذَلِكَ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست