responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 158
أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ قَانُونٌ يَعْمَلُ عَلَيْهِ فِي تَمْيِيزِهَا إِلَّا مَا يُعْطِيهِ بَادِئُ النَّظَرِ فِي الْحَالِ جَاوَبَ فِيهَا بِجَوَابَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَإِذَا جَاءَ مِنْ بَعْدِهِ أَحَدٌ فَرَامَ أَنْ يُجْرِيَ تِلْكَ الْأَجْوِبَةَ عَلَى قَانُونٍ وَاحِدٍ وَأَصْلٍ وَاحِدٍ عَسُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَأَنْتَ تَتَبَيَّنُ ذَلِكَ مِنْ كُتُبِهِمْ، فَهَذِهِ هِيَ أُمَّهَاتُ هَذَا الْبَابِ.

[فَصْلٌ بَيْعُ الرِّبَوِيِّ الرَّطْبِ بِجِنْسِهِ مِنَ الْيَابِسِ]
فَصْلٌ ; وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ الرَّطْبِ بِجِنْسِهِ مِنَ الْيَابِسِ مَعَ وُجُودِ التَّمَاثُلِ فِي الْقَدْرِ وَالتَّنَاجُزِ، فَإِنَّ السَّبَبَ فِي ذَلِكَ مَا رَوَى مَالِكٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُسْأَلُ عَنْ شِرَاءِ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا جَفَّ؟ " فَقَالُوا: نَعَمْ. فَنَهَى عَنْ ذَلِكَ» ، فَأَخَذَ بِهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ التَّمْرِ بِالرُّطَبِ عَلَى حَالِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِمَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ ذَلِكَ، وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ صَاحِبَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، وَأَبُو يُوسُفَ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَسَبَبُ الْخِلَافِ مُعَارَضَةُ ظَاهِرِ حَدِيثِ عُبَادَةَ وَغَيْرِهِ لَهُ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِي تَصْحِيحِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ عُبَادَةَ اشْتَرَطَ فِي الْجَوَازِ فَقَطِ الْمُمَاثَلَةَ، وَالْمُسَاوَاةَ، وَهَذَا يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ حَالَ الْعَقْدِ لَا حَالَ الْمَآلِ; فَمَنْ غَلَّبَ ظَوَاهِرَ أَحَادِيثِ الرِّبَوِيَّاتِ رَدَّ هَذَا الْحَدِيثَ; وَمَنْ جَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ أَصْلًا بِنَفْسِهِ قَالَ: هُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ وَمُفَسِّرٌ لِأَحَادِيثِ الرِّبَوِيَّاتِ.
وَالْحَدِيثُ أَيْضًا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَصْحِيحِهِ، وَلَمْ يُخَرِّجْهُ الشَّيْخَانِ. قَالَ الطَّحَاوِيُّ: خُولِفَ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ، فَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ كَثِيرٍ عَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ نَسِيئَةً» ، وَقَالَ: إِنَّ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ هُوَ مَجْهُولٌ، لَكِنَّ جُمْهُورَ الْفُقَهَاءِ صَارُوا إِلَى الْعَمَلِ بِهِ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ قِيَاسًا بِهِ عَلَى تَعْلِيلِ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ رَطْبٍ بِيَابِسٍ مِنْ نَوْعِهِ حَرَامٌ (يَعْنِي: مَنْعَ الْمُمَاثَلَةِ) كَالْعَجِينِ بِالدَّقِيقِ، وَاللَّحْمِ الْيَابِسِ بِالرَّطْبِ، وَهُوَ أَحَدُ قِسْمَيِ الْمُزَابَنَةِ عِنْدَ مَالِكٍ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا عِنْدَهُ، وَالْعَرِيَّةُ عِنْدَهُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ هَذَا الْأَصْلِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَالْمُزَابَنَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هِيَ بَيْعُ التَّمْرِ عَلَى الْأَرْضِ بِالتَّمْرِ فِي رُءُوسِ النَّخِيلِ لِمَوْضِعِ الْجَهْلِ بِالْمِقْدَارِ الَّذِي بَيْنَهُمَا (أَعْنِي: بِوُجُودِ التَّسَاوِي) .
وَطَرَدَ الشَّافِعِيُّ هَذِهِ الْعِلَّةَ فِي الشَّيْئَيْنِ الرَّطْبَيْنِ، فَلَمْ يُجِزْ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ، وَلَا الْعَجِينِ بِالْعَجِينِ مَعَ التَّمَاثُلِ، لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ التَّفَاضُلَ يُوجَدُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْجَفَافِ. وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ جُلُّ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْحَدِيثِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست