responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 134
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَنْوَاعِ الدَّعَاوِي الْمُوجِبَةِ لَهُ وَشُرُوطِهَا.
وَأَمَّا صُوَرُ الدَّعَاوِي الَّتِي يَجِبُ بِهَا اللِّعَانُ فَهِيَ أَوَّلًا صُورَتَانِ: إِحْدَاهُمَا دَعْوَى الزِّنَا، وَالثَّانِيَةُ نَفْيُ الْحَمْلِ.
وَدَعْوَى الزِّنَا لَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ مُشَاهَدَةً (أَعْنِي أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ شَاهَدَهَا تَزْنِي كَمَا يَشْهَدُ الشَّاهِدُ عَلَى الزِّنَا) ، أَوْ تَكُونَ دَعْوَى مُطْلَقَةً.
وَإِذَا نُفِيَ الْحَمْلُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَنْفِيَهُ أَيْضًا نَفْيًا مُطْلَقًا، أَوْ يَزْعُمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْرَبْهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ بَسَائِطَ، وَسَائِرُ الدَّعَاوِي تَتَرَكَّبُ عَنْ هَذِهِ، مِثْلُ أَنْ يَرْمِيَهَا بِالزِّنَا وَيَنْفِيَ الْحَمْلَ، أَوْ يُثْبِتَ الْحَمْلَ وَيَرْمِيَهَا بِالزِّنَا.
فَأَمَّا وُجُوبُ اللِّعَانِ بِالْقَذْفِ بِالزِّنَا إِذَا ادَّعَى الرُّؤْيَةَ فَلَا خِلَافَ فِيهِ، قَالَتِ الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا بَعْدُ.
وَأَمَّا وُجُوبُ اللِّعَانِ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِهِ: الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَدَاوُدُ، وَغَيْرُهُمْ. وَأَمَّا الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ اللِّعَانُ عِنْدَهُ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا إِنَّهُ يَجُوزُ، وَهِيَ أَيْضًا رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ. وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] . الْآيَةَ. وَلَمْ يَخُصَّ فِي الزِّنَا صِفَةً دُونَ صِفَةٍ، كَمَا قَالَ فِي إِيجَابِ حَدِّ الْقَذْفِ. وَحُجَّةُ مَالِكٍ ظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ. مِنْهَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ: «أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا» ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ: «فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ بِعَيْنِي وَسَمِعْتُ بِأُذُنِي، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا جَاءَ بِهِ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] » الْآيَةَ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الدَّعْوَى يَجِبُ أَنْ تَكُونَ بِبَيِّنَةٍ كَالشَّهَادَةِ. وَفِي هَذَا الْبَابِ فَرْعٌ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ، وَهُوَ إِذَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ بَعْدَ اللِّعَانِ، فَعَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا سُقُوطُ الْحَمْلِ عَنْهُ، وَالْأُخْرَى لُحُوقُهُ بِهِ.
وَاتَّفَقُوا فِيمَا أَحْسَبُ أَنَّ مِنْ شَرْطِ الدَّعْوَى الْمُوجِبَةِ اللِّعَانَ بِرُؤْيَةِ الزِّنَا أَنْ تَكُونَ فِي الْعِصْمَةِ. وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ بِدَعْوَى الزِّنَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا هَلْ يَكُونُ بَيْنَهُمَا لِعَانٌ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: بَيْنَهُمَا لِعَانٌ ; وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَنْفِيَ وَلَدًا وَلَا حَدَّ ; وَقَالَ مَكْحُولٌ، وَالْحَكَمُ، وَقَتَادَةُ: يُحَدُّ وَلَا يُلَاعِنُ.
وَأَمَّا إِنْ نَفَى الْحَمْلَ: فَإِنَّهُ كَمَا قُلْنَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا وَلَمْ يَطَأْهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست