responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 129
مِسْكِينًا، وَأَنَّهَا عَلَى التَّرْتِيبِ. فَالْإِعْتَاقُ أَوَّلًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالصِّيَامُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْإِطْعَامُ، هَذَا فِي الْحُرِّ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْعَبْدِ يُكَفِّرُ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْإِطْعَامِ؟ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ أَنَّ الَّذِي يَبْدَأُ بِهِ الصِّيَامُ (أَعْنِي: إِذَا عَجَزَ عَنِ الصِّيَامِ) ، فَأَجَازَ لِلْعَبْدِ الْعِتْقَ - إِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ - أَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ، وَأَبَى ذَلِكَ سَائِرُ الْعُلَمَاءِ. وَأَمَّا الْإِطْعَامُ، فَأَجَازَهُ لَهُ مَالِكٌ إِنْ أَطْعَمَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَمْ يُجِزْ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، وَمَبْنَى الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: هَلْ يَمْلِكُ الْعَبْدُ، أَوْ لَا يَمْلِكُ؟
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الشُّرُوطِ الْمُصَحِّحَةِ: فَمِنْهَا اخْتِلَافُهُمْ إِذَا وَطِئَ فِي صِيَامِ الشَّهْرَيْنِ، هَلْ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُ الصِّيَامِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: يَسْتَأْنِفُ الصِّيَامَ، إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ شَرَطَ فِي ذَلِكَ الْعَمْدَ، وَلَمْ يُفَرِّقْ مَالِكٌ بَيْنَ الْعَمْدِ فِي ذَلِكَ، وَالنِّسْيَانِ ; وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَسْتَأْنِفُ عَلَى حَالٍ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ تَشْبِيهُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَالشَّرْطُ الَّذِي وَرَدَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (أَعْنِي: أَنْ تَكُونَ قَبْلَ الْمَسِيسِ) ; فَمَنِ اعْتَبَرَ هَذَا الشَّرْطَ قَالَ: يَسْتَأْنِفُ الصَّوْمَ، وَمَنْ شَبَّهَهُ بِكَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَالَ: لَا يَسْتَأْنِفُ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ فِي الْيَمِينِ تَرْفَعُ الْحِنْثَ بَعْدَ وُقُوعِهِ بِاتِّفَاقٍ.
وَمِنْهَا: هَلْ مِنْ شَرْطِ الرَّقَبَةِ أَنْ تَكُونَ مُؤْمِنَةً أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ فِي الْإِجْزَاءِ ; وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ رَقَبَةُ الْكَافِرِ، وَلَا يُجْزِئُ عِنْدَهُمْ إِعْتَاقُ الْوَثَنِيَّةِ، وَالْمُرْتَدَّةِ. وَدَلِيلُ الْفَرِيقِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إِعْتَاقٌ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ مُسْلِمَةً، أَصْلُهُ الْإِعْتَاقُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ ; وَرُبَّمَا قَالُوا: إِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْقِيَاسِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَيَّدَ الرَّقَبَةَ بِالْإِيمَانِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَأَطْلَقَهَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَيَجِبُ صَرْفُ الْمُطْلَقِ إِلَى الْمُقَيَّدِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِيهِ خِلَافٌ، وَالْحَنَفِيَّةُ لَا يُجِيزُونَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَسْبَابَ فِي الْقَضِيَّتَيْنِ مُخْتَلِفَةٌ. وَأَمَّا حُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ فَهُوَ ظَاهِرُ الْعُمُومِ، وَلَا مُعَارَضَةَ عِنْدَهُ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ، فَوَجَبَ عِنْدَهُ أَنْ يُحْمَلَ كُلٌّ عَلَى لَفْظِهِ.
وَمِنْهَا: اخْتِلَافُهُمْ هَلْ مِنْ شَرْطِ الرَّقَبَةِ أَنْ تَكُونَ سَالِمَةً مِنَ الْعُيُوبِ أَمْ لَا؟ ثُمَّ إِنْ كَانَتْ سَلِيمَةً فَمِنْ أَيِّ الْعُيُوبِ تُشْتَرَطُ سَلَامَتُهَا؟ فَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ لِلْعُيُوبِ تَأْثِيرًا فِي مَنْعِ إِجْزَاءِ الْعِتْقِ; وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا تَأْثِيرٌ فِي ذَلِكَ. وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ تَشْبِيهُهَا بِالْأَضَاحِيِّ، وَالْهَدَايَا لِكَوْنِ الْقُرْبَةِ تَجْمَعُهُمَا. وَحُجَّةُ الْفَرِيقِ الثَّانِي إِطْلَاقُ اللَّفْظِ فِي الْآيَةِ. فَسَبَبُ الْخِلَافِ مُعَارَضَةُ الظَّاهِرِ لِقِيَاسِ الشَّبَهِ. وَالَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ لِلْعُيُوبِ تَأْثِيرًا فِي مَنْعِ الْإِجْزَاءِ اخْتَلَفُوا فِي عَيْبٍ عَيْبٍ مِمَّا يُعْتَبَرُ فِي الْإِجْزَاءِ، أَوْ عَدَمِهِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست