responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 120
أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّ مُدَّةَ الْإِيلَاءَ عِنْدَهُ هِيَ أَرْبَعَةُ الْأَشْهُرِ فَقَطْ، إِذْ كَانَ الْفَيْءُ عِنْدَهُ إِنَّمَا هُوَ فِيهَا ; وَذَهَبَ الْحَسَنُ. وَابْنُ أَبِي لَيْلَى إِلَى أَنَّهُ إِذَا حَلَفَ وَقْتًا مَا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَانَ مُولِيًا، يُضْرَبُ لَهُ الْأَجَلُ إِلَى انْقِضَاءِ أَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُولِيَ هُوَ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُصِيبَ امْرَأَتَهُ عَلَى التَّأْبِيدِ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي الْمُدَّةِ: إِطْلَاقُ الْآيَةِ. فَاخْتِلَافُهُمْ فِي وَقْتِ الْفَيْءِ، وَفِي صِفَةِ الْيَمِينِ وَمُدَّتِهِ هُوَ كَوْنُ الْآيَةِ عَامَّةً فِي هَذِهِ الْمَعَانِي أَوْ مُجْمَلَةً، وَكَذَلِكَ اخْتِلَافُهُمْ فِي صِفَةِ الْمُولِي وَالْمُولَى مِنْهَا وَنَوْعِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا سَيَأْتِي بَعْدُ. وَأَمَّا مَا سِوَى ذَلِكَ فَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ: هُوَ سَبَبُ السُّكُوتِ عَنْهَا. وَهَذِهِ هِيَ أَرْكَانُ الْإِيلَاءِ - أَعْنِي: مَعْرِفَةَ نَوْعِ الْيَمِينِ، وَوَقْتِ الْفَيْءِ وَالْمُدَّةِ وَصِفَةِ الْمُولَى مِنْهَا، وَنَوْعِ الطَّلَاقِ الْوَاقِعِ فِيهِ -.

الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: فَأَمَّا الطَّلَاقُ الَّذِي يَقَعُ بِالْإِيلَاءِ: فَعِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ وَقَعَ بِالشَّرْعِ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ رَجْعِيٌّ، إِلَى أَنْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ بَائِنٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو ثَوْرٍ: هُوَ بَائِنٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ رَجْعِيًّا لَمْ يَزُلِ الضَّرَرُ عَنْهَا بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ يُجْبِرُهَا عَلَى الرَّجْعَةِ، فَسَبَبُ الِاخْتِلَافِ: مُعَارَضَةُ الْمَصْلَحَةِ الْمَقْصُودَةِ بِالْإِيلَاءِ لِلْأَصْلِ الْمَعْرُوفِ فِي الطَّلَاقِ: فَمَنْ غَلَّبَ الْأَصْلَ قَالَ: رَجْعِيٌّ، وَمَنْ غَلَّبَ الْمَصْلَحَةَ قَالَ: بَائِنٌ.

الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: وَأَمَّا هَلْ يُطَلِّقُ الْقَاضِي إِذَا أَبَى الْفَيْءَ أَوِ الطَّلَاقَ أَوْ يُحْبَسُ حَتَّى يُطَلِّقَ: فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ: يُطَلِّقُ الْقَاضِي عَلَيْهِ. وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: يُحْبَسُ حَتَّى يُطَلِّقَهَا بِنَفْسِهِ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ: مُعَارَضَةُ الْأَصْلِ الْمَعْرُوفِ فِي الطَّلَاقِ لِلْمَصْلَحَةِ، فَمَنْ رَاعَى الْأَصْلَ الْمَعْرُوفَ فِي الطَّلَاقِ قَالَ: لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إِلَّا مِنَ الزَّوْجِ. وَمَنْ رَاعَى الضَّرَرَ الدَّاخِلَ مِنْ ذَلِكَ عَلَى النِّسَاءِ قَالَ: يُطَلِّقُ السُّلْطَانُ وَهُوَ نَظَرٌ إِلَى الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعْرَفُ بِالْقِيَاسِ الْمُرْسَلِ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ مَالِكٍ الْعَمَلُ بِهِ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ يَأْبَى ذَلِكَ.

الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: وَأَمَّا هَلْ يَتَكَرَّرُ الْإِيلَاءُ إِذَا طَلَّقَهَا ثُمَّ رَاجَعَهَا؟ فَإِنَّ مَالِكًا يَقُولُ: إِذَا رَاجَعَهَا فَلَمْ يَطَأْهَا تَكَرَّرَ الْإِيلَاءُ عَلَيْهِ، وَهَذَا عِنْدَهُ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَالْبَائِنِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: الطَّلَاقُ الْبَائِنُ يُسْقِطُ الْإِيلَاءَ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْمُزَنِيُّ وَجَمَاعَةُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَتَكَرَّرُ بَعْدَ الطَّلَاقِ إِلَّا بِإِعَادَةِ الْيَمِينِ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْمَصْلَحَةِ لِظَاهِرِ شَرْطِ الْإِيلَاءِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا إِيلَاءَ فِي الشَّرْعِ إِلَّا حَيْثُ يَكُونُ يَمِينٌ فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ بِنَفْسِهِ لَا فِي نِكَاحٍ آخَرَ، وَلَكِنْ إِذَا رَاعَيْنَا هَذَا وُجِدَ الضَّرَرُ الْمَقْصُودُ إِزَالَتُهُ بِحُكْمِ الْإِيلَاءِ، وَلِذَلِكَ رَأَى مَالِكٌ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِحُكْمِ الْإِيلَاءِ بِغَيْرِ يَمِينٍ إِذَا وُجِدَ مَعْنَى الْإِيلَاءِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 120
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست