responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 117
وَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّهُ حَمَلَ الْأَمْرَ بِالْمُتْعَةِ عَلَى النَّدْبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي آخِرِ الْآيَةِ: {حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236] أَيْ عَلَى الْمُتَفَضِّلِينَ الْمُتَجَمِّلِينَ، وَمَا كَانَ مِنْ بَابِ الْإِجْمَالِ وَالْإِحْسَانِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُطَلَّقَةِ الْمُعْتَدَّةِ هَلْ عَلَيْهَا إِحْدَادٌ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَيْهَا إِحْدَادٌ.

بَابٌ فِي بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ. اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ إِذَا وَقَعَ التَّشَاجُرُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ; وَجُهِلَتْ أَحْوَالُهُمَا فِي التَّشَاجُرِ - أَعْنِي: الْمُحِقَّ مِنَ الْمُبْطِلِ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35] الْآيَةَ.
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحَكَمَيْنِ لَا يَكُونَانِ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الزَّوْجَيْنِ: أَحَدُهُمَا مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ، وَالْآخَرُ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ، إِلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ فِي أَهْلِهِمَا مَنْ يَصْلُحُ لِذَلِكَ فَيُرْسَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْحَكَمَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا لَمْ يَنْفُذْ قَوْلُهُمَا. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمَا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا نَافِذٌ بِغَيْرِ تَوْكِيلٍ مِنَ الزَّوْجَيْنِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْرِيقِ الْحَكَمَيْنِ بَيْنَهُمَا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ هَلْ يُحْتَاجُ إِلَى إِذْنٍ مِنَ الزَّوْجِ أَوْ لَا يُحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ: يَجُوزُ قَوْلُهُمَا فِي الْفُرْقَةِ وَالِاجْتِمَاعِ بِغَيْرِ تَوْكِيلِ الزَّوْجَيْنِ وَلَا إِذْنٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُمَا: لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُفَرِّقَا، إِلَّا أَنْ يَجْعَلَ الزَّوْجُ إِلَيْهِمَا التَّفْرِيقَ، وَحُجَّةُ مَالِكٍ مَا رَوَاهُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَكَمَيْنِ: إِلَيْهِمَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَالْجَمْعُ. وَحُجَّةُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ بِيَدِ أَحَدٍ سِوَى الزَّوْجِ أَوْ مَنْ يُوَكِّلُهُ الزَّوْجُ.
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي الْحَكَمَيْنِ يُطَلِّقَانِ ثَلَاثًا، فَقَالَ أبُو الْقَاسِمِ: تَكُونُ وَاحِدَةً، وَقَالَ أَشْهَبُ وَالْمُغِيرَةُ: تَكُونُ ثَلَاثًا إِنْ طَلَّقَاهَا ثَلَاثًا. وَالْأَصْلُ أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِ الرَّجُلِ إِلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ. وَقَدِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ بِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ هَذَا أَنَّهُ قَالَ لِلْحَكَمَيْنِ: هَلْ تَدْرِيَانِ مَا عَلَيْكُمَا؟ إِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تَجْمَعَا جَمَعْتُمَا، وَإِنْ رَأَيْتُمَا أَنْ تُفَرِّقًا فَرَّقْتُمَا، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ رَضِيتُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِمَا فِيهِ لِي وَعَلَيَّ، فَقَالَ الرَّجُلُ: أَمَّا الْفُرْقَةُ فَلَا، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا وَاللَّهِ لَا تَنْقَلِبُ حَتَّى تُقِرَّ بِمِثْلِ مَا أَقَرَّتْ بِهِ الْمَرْأَةُ، قَالَ: فَاعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ إِذْنَهُ. وَمَالِكٌ يُشَبِّهُ الْحَكَمَيْنِ بِالسُّلْطَانِ، وَالسُّلْطَانُ يُطَلِّقُ بِالضَّرَرِ عِنْدَ مَالِكٍ إِذَا تَبَيَّنَ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 117
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست