responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 114
«طَلَّقَنِي زَوْجِي ثَلَاثًا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلَا نَفَقَةً» خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ. وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ لِمَنْ لِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ» . وَهَذَا الْقَوْلُ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ.
وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوا لَهَا السُّكْنَى دُونَ النَّفَقَةِ: فَإِنَّهُمُ احْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ الْمَذْكُورَةِ، وَفِيهِ: " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ، وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ» وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا إِسْقَاطَ السُّكْنَى، فَبَقِيَ عَلَى عُمُومِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6] وَعَلَّلُوا أَمْرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ بِأَنَّهُ كَانَ فِي لِسَانِهَا بَذَاءٌ.
وَأَمَّا الَّذِينَ أَوْجَبُوا لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ: فَصَارُوا إِلَى وُجُوبِ السُّكْنَى لَهَا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6] . وَصَارُوا إِلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا لِكَوْنِ النَّفَقَةِ تَابِعَةً لِوُجُوبِ الْإِسْكَانِ فِي الرَّجْعِيَّةِ وَفِي الْحَامِلِ وَفِي نَفْسِ الزَّوْجِيَّةِ. وَبِالْجُمْلَةِ: فَحَيْثُمَا وَجَبَتِ السُّكْنَى فِي الشَّرْعِ وَجَبَتِ النَّفَقَةُ. وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ هَذَا: لَا نَدَعُ كِتَابَ نَبِيِّنَا وَسُنَّتَهُ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ، يُرِيدُ قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: 6] الْآيَةَ. وَلِأَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ سُنَّتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ أَوْجَبَ النَّفَقَةَ حَيْثُ تَجِبُ السُّكْنَى، فَلِذَلِكَ الْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِمَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ لَهَا الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا مَصِيرًا إِلَى ظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالْمَعْرُوفِ مِنَ السُّنَّةِ، وَإِمَّا أَنَّ يُخَصَّصَ هَذَا الْعُمُومُ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ الْمَذْكُورِ.
وَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَ إِيجَابِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فَعَسِيرٌ، وَوَجْهُ عُسْرِهِ ضَعْفُ دَلِيلِهِ. وَيَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ تَكُونُ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: فِي طَلَاقٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوِ اخْتِيَارِ الْأَمَةِ نَفْسَهَا إِذَا أُعْتِقَتْ. وَاخْتَلَفُوا فِيهَا فِي الْفُسُوخِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى وُجُوبِهَا.
وَلَمَّا كَانَ الْكَلَامُ فِي الْعِدَّةِ يَتَعَلَّقُ فِيهِ أَحْكَامُ عِدَّةِ الْمَوْتِ رَأَيْنَا أَنْ نَذْكُرَهَا هَا هُنَا، فَنَقُولُ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ عِدَّةَ الْحُرَّةِ مِنْ زَوْجِهَا الْحُرِّ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: 234] .

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 114
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست