responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 110
وَإِجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ طَلَاقَ السُّنَّةِ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي طُهْرٍ لَمْ تُمَسَّ فِيهِ. وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ» دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ هِيَ الْأَطْهَارُ، لِكَيْ يَكُونَ الطَّلَاقُ مُتَّصِلًا بِالْعِدَّةِ.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُتَأَوَّلَ قَوْلُهُ: " فَتِلْكَ الْعِدَّةُ " أَيْ فَتِلْكَ مُدَّةُ اسْتِقْبَالِ الْعِدَّةِ، لِئَلَّا يَتَبَعَّضَ الْقُرْءُ بِالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ.
وَأَقْوَى مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْفَرِيقُ الثَّانِي أَنَّ الْعِدَّةَ إِنَّمَا شُرِعَتْ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَبَرَاءَتُهَا إِنَّمَا تَكُونُ بِالْحَيْضِ لَا بِالْأَطْهَارِ، وَلِذَلِكَ كَانَ عِدَّةُ مَنِ ارْتَفَعَ الْحَيْضُ عَنْهَا بِالْأَيَّامِ، فَالْحَيْضُ هُوَ سَبَبُ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْأَقْرَاءُ هِيَ الْحَيْضَ. وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: الْأَقْرَاءُ هِيَ الْأَطْهَارُ: بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي بَرَاءَةِ الرَّحِمِ هُوَ النَّقْلَةُ مِنَ الطُّهْرِ إِلَى الْحَيْضِ، لَا انْقِضَاءُ الْحَيْضِ، فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ الْحَيْضَةِ الْأَخِيرَةِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَالثَّلَاثُ الْمُعْتَبَرُ فِيهِنَّ التَّمَامُ - أَعْنِي: الْمُشْتَرَطَ - هِيَ الْأَطْهَارُ الَّتِي بَيْنَ الْحَيْضَتَيْنِ، وَلِكِلَا الْفَرِيقَيْنِ احْتِجَاجَاتٌ طَوِيلَةٌ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَحُجَّتُهُمْ مِنْ جِهَةِ الْمَسْمُوعِ مُتَسَاوِيَةٌ أَوْ قَرِيبٌ مِنْ مُتَسَاوِيَةٍ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْقَائِلُونَ: أَنَّ الْعِدَّةَ هِيَ الْأَطْهَارُ أَنَّهَا تَنْقَضِي بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ. وَاخْتَلَفَ الَّذِينَ قَالُوا: إِنَّهَا الْحَيْضُ. فَقِيلَ: تَنْقَضِي بِانْقِطَاعِ الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ. وَقِيلَ: حِينَ تَغْتَسِلُ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَمِنَ الْفُقَهَاءِ الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ بْنُ عُبَيْدٍ. وَقِيلَ: حَتَّى يَمْضِيَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الَّتِي طَهُرَتْ فِي وَقْتِهَا. وَقِيلَ: إِنَّ لِلزَّوْجِ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ، وَإِنْ فَرَّطَتْ فِي الْغُسْلِ عِشْرِينَ سَنَةً، حُكِيَ هَذَا عَنْ شَرِيكٍ. وَقَدْ قِيلَ: تَنْقَضِي بِدُخُولِهَا فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ، وَهُوَ أَيْضًا شَاذٌّ، فَهَذِهِ هِيَ حَالُ الْحَائِضِ الَّتِي تَحِيضُ.
وَأَمَّا الَّتِي تُطَلَّقُ فَلَا تَحِيضُ وَهِيَ فِي سِنِّ الْحَيْضِ وَلَيْسَ هُنَاكَ رِيبَةٌ حَمْلٍ وَلَا سَبَبٌ مِنْ رَضَاعٍ وَلَا مَرَضٍ: فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ عِنْدَ مَالِكٍ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ فَإِنْ لَمْ تَحِضْ فِيهِنَّ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ الثَّلَاثَةَ أَشْهُرٍ اعْتَبَرَتِ الْحَيْضَ، وَاسْتَقْبَلَتِ انْتِظَارَهُ، فَإِنْ مَرَّ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ الثَّانِيَةَ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ الثَّلَاثَةَ أَشْهُرٍ مِنَ الْعَامِ الثَّانِي انْتَظَرَتِ الْحَيْضَةَ الثَّالِثَةَ، فَإِنْ مَرَّ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ اعْتَدَّتْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتِ الثَّالِثَةَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كَانَتْ قَدِ اسْتَكْمَلَتْ عِدَّةَ الْحَيْضِ وَتَمَّتْ عِدَّتُهَا، وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَحِلَّ.
وَاخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ مَتَى تَعْتَدُّ بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ؟ فَقِيلَ: مِنْ يَوْمِ طُلِّقَتْ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْمُوَطَّأِ. وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ: مِنْ يَوْمِ رَفْعِهَا حَيْضَتَهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ فِي الَّتِي تَرْتَفِعُ حَيْضَتُهَا وَهِيَ لَا تَيْأَسُ مِنْهَا فِي الْمُسْتَأْنَفِ: إِنَّهَا تَبْقَى أَبَدًا تَنْتَظِرُ حَتَّى

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 110
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست