responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 102
الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» . وَلَكِنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّ الْمُكْرَهَ عَلَى الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ مُوقِعًا لِلَّفْظِ بِاخْتِيَارِهِ أَنَّهُ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ فِي الشَّرْعِ اسْمُ الْمُكْرَهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [النحل: 106] ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ، لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُغَلَّظٌ فِيهِ، وَلِذَلِكَ اسْتَوَى جِدُّهُ وَهَزْلُهُ.
وَأَمَّا طَلَاقُ الصَّبِيِّ: فَإِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يَبْلُغَ ; وَقَالَ فِي " مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ ": أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إِذَا نَاهَزَ الِاحْتِلَامَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِذَا هُوَ أَطَاقَ صِيَامَ رَمَضَانَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: إِذَا بَلَغَ اثْنَتَيْ عَشَرَةَ سَنَةً جَازَ طَلَاقُهُ، وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
وَأَمَّا طَلَاقُ السَّكْرَانِ: فَالْجُمْهُورُ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى وُقُوعِهِ. وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يَقَعُ، مِنْهُمُ الْمُزَنِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ. وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمَجْنُونِ، أَمْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ؟ .
فَمَنْ قَالَ هُوَ وَالْمَجْنُونُ سَوَاءٌ، إِذْ كَانَ كِلَاهُمَا فَاقِدًا لِلْعَقْلِ ; وَمِنْ شَرْطِ التَّكْلِيفِ الْعَقْلُ قَالَ: لَا يَقَعُ. وَمَنْ قَالَ: الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السَّكْرَانَ أَدْخَلَ الْفَسَادَ عَلَى عَقْلِهِ بِإِرَادَتِهِ ; وَالْمَجْنُونَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، أَلْزَمَ السَّكْرَانَ الطَّلَاقَ، وَذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِ. وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ بِالْجُمْلَةِ مِنَ الْأَحْكَامِ وَمَا لَا يَلْزَمُهُ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَالْقَوَدُ مِنَ الْجِرَاحِ وَالْقَتْلِ، وَلَمْ يُلْزِمْهُ النِّكَاحَ وَلَا الْبَيْعَ. وَأَلْزَمَهُ أَبُو حَنِيفَةَ كُلَّ شَيْءٍ. وَقَالَ اللَّيْثُ: كُلُّ مَا جَاءَ مِنْ مَنْطِقِ السَّكْرَانِ فَمَوْضُوعٌ عَنْهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا نِكَاحٌ وَلَا بَيْعٌ وَلَا حَدٌّ فِي قَذْفٍ، وَكُلُّ مَا جَنَتْهُ جَوَارِحُهُ فَلَازِمٌ لَهُ، فَيُحَدُّ فِي الشُّرْبِ وَالْقَتْلِ وَالزِّنَى وَالسَّرِقَةِ. وَثَبَتَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى طَلَاقَ السَّكْرَانِ، وَزَعَمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ لَا مُخَالِفَ لِعُثْمَانَ فِي ذَلِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ كُلَّ طَلَاقٍ جَائِزٌ إِلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ لَيْسَ نَصًّا فِي إِلْزَامِ السَّكْرَانِ الطَّلَاقَ لِأَنَّ السَّكْرَانَ مَعْتُوهٌ مَا، وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَإِسْحَاقُ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ - أَعْنِي: أَنَّ طَلَاقَهُ لَيْسَ يَلْزَمُ -. وَعَنِ الشَّافِعِيِّ الْقَوْلَانِ فِي ذَلِكَ، وَاخْتَارَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ قَوْلَهُ الْمُوَافِقَ لِلْجُمْهُورِ، وَاخْتَارَ الْمُزَنِيُّ مِنْ أَصْحَابِهِ: أَنَّ طَلَاقَهُ غَيْرُ وَاقِعٍ.
وَأَمَّا الْمَرِيضُ الَّذِي يُطَلِّقُ طَلَاقًا بَائِنًا وَيَمُوتُ مِنْ مَرَضِهِ، فَإِنَّ مَالِكًا وَجَمَاعَةً يَقُولُ: تَرِثُهُ زَوْجَتُهُ. وَالشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ لَا يُوَرِّثُهَا، وَالَّذِينَ قَالُوا بِتَوْرِيثِهَا انْقَسَمُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ: فَفِرْقَةٌ قَالَتْ: لَهَا الْمِيرَاثُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالثَّوْرِيُّ. وَقَالَ قَوْمٌ: لَهَا الْمِيرَاثُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ تَرِثُ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، تَزَوَّجَتْ أَمْ لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ. وَسَبَبُ الْخِلَافِ: اخْتِلَافُهُمْ فِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِسَدِّ الذَّرَائِعِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْمَرِيضُ يُتَّهَمُ فِي أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا طَلَّقَ فِي مَرَضِهِ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 3  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست