responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 77
وَقَالَ آخَرُونَ: الِاعْتِكَافُ عَامٌّ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ، وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ فِيهِ جُمُعَةٌ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ.
وَأَجْمَعَ الْكُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ الِاعْتِكَافِ الْمَسْجِدَ، إِلَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ لُبَابَةَ مِنْ أَنَّهُ يَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَأَنَّ مُبَاشَرَةَ النِّسَاءِ إِنَّمَا حَرُمَتْ عَلَى الْمُعْتَكِفِ إِذَا اعْتَكَفَ فِي الْمَسْجِدِ، وَإِلَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إِنَّمَا تَعْتَكِفُ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ الْمَسْجِدِ أَوْ تَرْكِ اشْتِرَاطِهِ: هُوَ الِاحْتِمَالُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ دَلِيلُ خِطَابٍ أَمْ لَا يَكُونَ لَهُ؟ فَمَنْ قَالَ: لَهُ دَلِيلُ خِطَابٍ قَالَ: لَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ، وَإِنَّ مَنْ شَرَطَ الِاعْتِكَافَ تَرَكَ الْمُبَاشَرَةَ. وَمَنْ قَالَ: لَيْسَ لَهُ دَلِيلُ خِطَابٍ قَالَ: الْمَفْهُومُ مِنْهُ أَنَّ الِاعْتِكَافَ جَائِزٌ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْمُبَاشَرَةَ لِأَنَّ قَائِلًا لَوْ قَالَ: لَا تُعْطِ فُلَانًا شَيْئًا إِذَا كَانَ دَاخِلًا فِي الدَّارِ، لَكَانَ مَفْهُومُ دَلِيلِ الْخِطَابِ يُوجِبُ أَنْ تُعْطِيَهُ إِذَا كَانَ خَارِجَ الدَّارِ، وَلَكِنْ هُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْعُكُوفَ إِنَّمَا أُضِيفَ إِلَى الْمَسَاجِدِ لِأَنَّهَا مِنْ شَرْطِهِ.
وَأَمَّا سَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي تَخْصِيصِ بَعْضِ الْمَسَاجِدِ أَوْ تَعْمِيمِهَا: فَمُعَارَضَةُ الْعُمُومِ لِلْقِيَاسِ الْمُخَصَّصِ لَهُ. فَمَنْ رَجَّحَ الْعُمُومَ قَالَ: فِي كُلِّ مَسْجِدٍ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ، وَمَنِ انْقَدَحَ لَهُ تَخْصِيصُ بَعْضِ الْمَسَاجِدِ مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ بِقِيَاسٍ اشْتَرَطَ أَنْ يَكُونَ مَسْجِدًا فِيهِ جُمُعَةٌ (لِئَلَّا يَنْقَطِعَ عَمَلُ الْمُعْتَكِفِ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْجُمُعَةِ) ، أَوْ مَسْجِدًا تُشَدُّ إِلَيْهِ الْمَطِيُّ مِثْلَ مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي وَقَعَ فِيهِ اعْتِكَافُهُ، وَلَمْ يَقِسْ سَائِرَ الْمَسَاجِدِ عَلَيْهِ إِذْ كَانَتْ غَيْرَ مُسَاوِيَةٍ لَهُ فِي الْحُرْمَةِ.
وَأَمَّا سَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي اعْتِكَافِ الْمَرْأَةِ: فَمُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ أَيْضًا لِلْأَثَرِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ: «أَنَّ حَفْصَةَ وَعَائِشَةَ وَزَيْنَبَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَأْذَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الِاعْتِكَافِ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَذِنَ لَهُنَّ حِينَ ضَرَبْنَ أَخْبِيَتَهُنَّ فِيهِ» . فَكَانَ هَذَا الْأَثَرُ دَلِيلًا عَلَى جَوَازِ اعْتِكَافِ الْمَرْأَةِ فِي الْمَسْجِدِ.
وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمُعَارِضُ لِهَذَا: فَهُوَ قِيَاسُ الِاعْتِكَافِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ صَلَاةُ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلَ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الِاعْتِكَافُ فِي بَيْتِهَا أَفْضَلَ. قَالُوا: وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَعْتَكِفَ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ زَوْجِهَا فَقَطْ عَلَى نَحْوِ مَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ مِنِ اعْتِكَافِ أَزْوَاجِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَعَهُ كَمَا تُسَافِرُ مَعَهُ وَلَا تُسَافِرُ مُفْرَدَةً، وَكَأَنَّهُ نَحْوٌ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقِيَاسِ وَالْأَثَرِ.

وَأَمَّا زَمَانُ الِاعْتِكَافِ فَلَيْسَ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 77
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست