responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 65
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الأُولَى: وَهِيَ هَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِالْإِفْطَارِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مُتَعَمَّدًا؟ فَإِنَّ مَالِكًا وَأَصْحَابَهُ وَأَبَا حَنِيفَةَ وَأَصْحَابَهُ وَالثَّوْرِيَّ وَجَمَاعَةً ذَهَبُوا إِلَى أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ إِنَّمَا تَلْزَمُ فِي الْإِفْطَارِ مِنَ الْجِمَاعِ فَقَطْ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمُ: اخْتِلَافُهُمْ فِي جَوَازِ قِيَاسِ الْمُفْطِرِ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ عَلَى الْمُفْطِرِ بِالْجِمَاعِ، فَمَنْ رَأَى أَنَّ شَبَهَهُمَا فِيهِ وَاحِدٌ وَهُوَ انْتِهَاكُ حُرْمَةِ الصَّوْمِ جَعَلَ حُكْمَهُمَا وَاحِدًا.
وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ وَإِنْ كَانَتِ الْكَفَّارَةُ عِقَابًا لِانْتِهَاكِ الْحُرْمَةِ فَإِنَّهَا أَشَدُّ مُنَاسَبَةً لِلْجِمَاعِ مِنْهَا لِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْعِقَابَ الْمَقْصُودَ بِهِ الرَّدْعُ، وَالْعِقَابُ الْأَكْبَرُ قَدْ يُوضَعُ لِمَا إِلَيْهِ النَّفْسُ أَمْيَلُ، وَهُوَ لَهَا أَغْلَبُ مِنَ الْجِنَايَاتِ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مُتَقَارِبَةً; إِذْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ الْتِزَامَ النَّاسِ الشَّرَائِعَ، وَأَنْ يَكُونُوا أَخْيَارًا عُدُولًا كَمَا قَالَ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] قَالَ: هَذِهِ الْكَفَّارَةُ الْمُغَلَّظَةُ خَاصَّةٌ بِالْجِمَاعِ، وَهَذَا إِذَا كَانَ مِمَّنْ يَرَى الْقِيَاسَ.
وَأَمَّا مَنْ لَا يَرَى الْقِيَاسَ فَأَمْرُهُ بَيِّنٌ أَنَّهُ لَيْسَ يُعَدَّى حُكْمَ الْجِمَاعِ إِلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ.
وَأَمَّا مَا رَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْكَفَّارَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ ; لِأَنَّ قَوْلَ الرَّاوِي فَأَفْطَرَ هُوَ مُجْمَلٌ، وَالْمُجْمَلُ لَيْسَ لَهُ عُمُومٌ فَيُؤْخَذُ بِهِ، لَكِنَّ هَذَا قَوْلٌ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ كَانَ يَرَى أَنَّ الْكَفَّارَةَ كَانَتْ لِمَوْضِعِ الْإِفْطَارِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا عَبَّرَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَذَكَرَ النَّوْعَ مِنَ الْفِطْرِ الَّذِي أَفْطَرَ بِهِ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَهُوَ إِذَا جَامَعَ نَاسِيًا لِصَوْمِهِ -: فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ وَأَبَا حَنِيفَةَ يَقُولَانِ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ. وَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ. وَقَالَ أَحْمَدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرُ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي قَضَاءِ النَّاسِي مُعَارَضَةُ ظَاهِرِ الْأَثَرِ فِي ذَلِكَ لِلْقِيَاسِ.
أَمَّا الْقِيَاسُ: فَهُوَ تَشْبِيهُ نَاسِي الصَّوْمِ بِنَاسِي الصَّلَاةِ. فَمَنْ شَبَّهَهُ بِنَاسِي الصَّلَاةِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءَ كَوُجُوبِهِ بِالنَّصِّ عَلَى نَاسِي الصَّلَاةِ.
وَأَمَّا الْأَثَرُ الْمُعَارِضُ بِظَاهِرِهِ لِهَذَا الْقِيَاسِ: فَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 65
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست