responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 6
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ عَلَيْهِ أَوْ لَا إِيجَابِهَا: هُوَ اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ الزَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ: هَلْ هِيَ عِبَادَةٌ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ؟ أَمْ هِيَ حَقٌّ وَاجِبٌ لِلْفُقَرَاءِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ؟ فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا عِبَادَةٌ اشْتَرَطَ فِيهَا الْبُلُوغَ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا حَقٌّ وَاجِبٌ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فِي أَمْوَالِ الْأَغْنِيَاءِ لَمْ يَعْتَبِرْ فِي ذَلِكَ بُلُوغًا مِنْ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا تُخْرِجُهُ الْأَرْضُ أَوْ لَا تُخْرِجُهُ، وَبَيْنَ الْخَفِيِّ وَالظَّاهِرِ: فَلَا أَعْلَمُ لَهُ مُسْتَنَدًا فِي هَذَا الْوَقْتِ، وَأَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ: فَإِنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ عَلَى جَمِيعِهِمْ إِلَّا مَا رَوَتْ طَائِفَةٌ مِنْ تَضْعِيفِ الزَّكَاةِ عَلَى نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ - أَعْنِي: أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ مِثْلَا مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ - وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَالثَّوْرِيُّ، وَلَيْسَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ، وَإِنَّمَا صَارَ هَؤُلَاءِ لِهَذَا لِأَنَّهُ أَثْبَتَ أَنَّهُ فِعْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِهِمْ، وَكَأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ مِثْلَ هَذَا هُوَ تَوْقِيفٌ، وَلَكِنَّ الْأُصُولَ تُعَارِضُهُ.
وَأَمَّا الْعَبِيدُ: فَإِنَّ النَّاسَ فِيهِمْ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ: فَقَوْمٌ قَالُوا: لَا زَكَاةَ فِي أَمْوَالِهِمْ أَصْلًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَأَبِي عُبَيْدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ زَكَاةُ مَالِ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَأَوْجَبَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى عَلَى الْعَبْدِ فِي مَالِهِ الزَّكَاةَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَأَبُو ثَوْرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَبَعْضُهُمْ.
وَجُمْهُورُ مَنْ قَالَ لَا زَكَاةَ فِي مَالِ الْعَبْدِ هُمْ عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ حَتَّى يَعْتِقَ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ زَكَاةٌ. وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي زَكَاةِ مَالِ الْعَبْدِ: اخْتِلَافُهُمْ فِي هَلْ يَمْلِكُ الْعَبْدُ مِلْكًا تَامًّا أَوْ غَيْرَ تَامٍّ؟ فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِلْكًا تَامًّا وَأَنَّ السَّيِّدَ هُوَ الْمَالِكُ إِذْ كَانَ لَا يَخْلُو مَالٌ مِنْ مِلْكٍ قَالَ: الزَّكَاةُ عَلَى السَّيِّدِ، وَمَنْ رَأَى أَنَّهُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا يَمْلِكُهُ مِلْكًا تَامًّا لَا السَّيِّدُ، إِذْ كَانَتْ يَدُ الْعَبْدِ هِيَ الَّتِي عَلَيْهِ لَا يَدُ السَّيِّدِ وَلَا الْعَبْدُ أَيْضًا ; لِأَنَّ لِلسَّيِّد انْتِزَاعَهُ مِنْهُ، قَالَ: لَا زَكَاةَ فِي مَالِهِ أَصْلًا. وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْيَدَ عَلَى الْمَالِ تُوجِبُ الزَّكَاةَ فِيهِ لِمَكَانِ تَصَرُّفِهَا فِيهِ تَشْبِيهًا بِتَصَرُّفِ يَدِ الْحُرِّ، قَالَ: الزَّكَاةُ عَلَيْهِ، لَاسِيَّمَا مَنْ كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ الْخِطَابَ الْعَامَّ يَتَنَاوَلُ الْأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ، وَأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمُكَلَّفِ لِتَصَرُّفِ الْيَدِ فِي الْمَالِ.
وَأَمَّا الْمَالِكُونَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الدُّيُونُ الَّتِي تَسْتَغْرِقُ أَمْوَالَهُمْ، أَوْ تَسْتَغْرِقُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَبِأَيْدِيهِمْ أَمْوَالٌ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ قَوْمٌ: لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَبًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ حَتَّى تُخْرَجَ مِنْهُ الدُّيُونُ، فَإِنْ بَقِيَ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّى وَإِلَّا فَلَا، وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَابْنُ الْمُبَارَكِ وَجَمَاعَةٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ زَكَاةَ الْحُبُوبِ وَيَمْنَعُ مَا سِوَاهَا. وَقَالَ مَالِكٌ: الدَّيْنُ يَمْنَعُ زَّكَاةَ النَّاضِّ فَقَطْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عُرُوضٌ فِيهَا وَفَاءٌ مِنْ دَيْنِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ. وَقَالَ قَوْمٌ: بِمُقَابِلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ زَكَاةً أَصْلًا.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 6
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست