responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 52
نَفْسِهِ وَيَتَمَيَّزُ وَلَا يَتَبَيَّنُ لَنَا، وَظَاهِرُ اللَّفْظِ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْإِمْسَاكِ بِالْعِلْمِ، وَالْقِيَاسُ يُوجِبُ تَعَلُّقَهُ بِالطُّلُوعِ نَفْسِهِ - أَعْنِي: قِيَاسًا عَلَى الْغُرُوبِ وَعَلَى سَائِرِ حُدُودِ الْأَوْقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ كَالزَّوَالِ وَغَيْرِهِ -، فَإِنَّ الِاعْتِبَارَ فِي جَمِيعِهَا فِي الشَّرْعِ هُوَ بِالْأَمْرِ نَفْسِهِ لَا بِالْعِلْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ.
وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ الْأَكْلَ يَجُوزُ أَنْ يَتَّصِلَ بِالطُّلُوعِ، وَقِيلَ: بَلْ يَجِبُ الْإِمْسَاكُ قَبْلَ الطُّلُوعِ.
وَالْحُجَّةُ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ مَا فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ أَظُنُّهُ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُنَادِيَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ لَا يُنَادِي حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» . وَهُوَ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ أَوْ كَالنَّصِّ، وَالْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - تَعَالَى -: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة: 187] الْآيَةَ. وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْإِمْسَاكُ قَبْلَ الْفَجْرِ فَجَرْيًا عَلَى الِاحْتِيَاطِ وَسَدًّا لِلذَّرِيعَةِ، وَهُوَ أَوْرَعُ الْقَوْلَيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[الرُّكْنُ الثَّانِي في الصيام وَهُوَ الْإِمْسَاكُ]
الرُّكْنُ الثَّانِي
وَهُوَ الْإِمْسَاكُ
وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الصَّائِمِ الْإِمْسَاكُ زَمَانَ الصَّوْمِ عَنِ الْمَطْعُومِ وَالْمَشْرُوبِ وَالْجِمَاعِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] .
وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ: مِنْهَا مَسْكُوتٌ عَنْهَا، وَمِنْهَا مَنْطُوقٌ بِهَا. أَمَّا الْمَسْكُوتُ عَنْهَا: إِحْدَاهَا: فِيمَا يَرِدُ الْجَوْفَ مِمَّا لَيْسَ بِمُغَذٍّ، وَفِيمَا يَرِدُ الْجَوْفَ مِنْ غَيْرِ مَنْفَذِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِثْلِ الْحُقْنَةِ، وَفِيمَا يَرِدُ بَاطِنَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَلَا يَرِدُ الْجَوْفَ مِثْلُ أَنْ يَرِدَ الدِّمَاغَ وَلَا يَرِدَ الْمَعِدَةَ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذِهِ هُوَ: قِيَاسُ الْمُغَذِّي عَلَى غَيْرِ الْمُغَذِّي، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَنْطُوقَ بِهِ إِنَّمَا هُوَ الْمُغَذِّي. فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالصَّوْمِ مَعْنًى مَعْقُولٌ لَمْ يُلْحَقِ الْمُغَذِّيَ بِغَيْرِ الْمُغَذِّي، وَمَنْ رَأَى أَنَّهَا عِبَادَةٌ غَيْرُ مَعْقُولَةٍ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا إِنَّمَا هُوَ الْإِمْسَاكُ فَقَطْ عَمَّا يَرِدُ الْجَوْفَ سَوَّى بَيْنَ الْمُغَذِّي وَغَيْرِ الْمُغَذِّي.
وَتَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّهُ يَجِبُ الْإِمْسَاكُ عَمَّا يَصِلُ إِلَى الْحَلْقِ مِنْ أَيِّ الْمَنَافِذِ وَصَلَ، مُغَذِّيًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُغَذٍّ.
وَأَمَّا مَا عَدَا الْمَأْكُولَ وَالْمَشْرُوبَ مِنَ الْمُفْطِرَاتِ فَكُلُّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ مَنْ قَبَّلَ فَأَمْنَى فَقَدْ أَفْطَرَ وَإِنْ أَمْذَى فَلَمْ يُفْطِرْ إِلَّا مَالِكٌ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الْقُبْلَةِ لِلصَّائِمِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهَا، وَمِنْهُمْ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست