responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 50
الصَّوْمِ لِلتُّهْمَةِ الَّتِي تَعْرِضُ لِلنَّاسِ فِي هِلَالِ الْفِطْرِ وَلَا تَعْرِضَ فِي هِلَالِ الصَّوْمِ، وَمَذْهَبُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ هُوَ مَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ وَأَحْسَبُهُ هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَقَدِ احْتَجَّ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ الْفِطْرِ وَالْإِمْسَاكِ عَنِ الْأَكْلِ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي دُخُولِ الشَّهْرِ وَخُرُوجِهِ، إِذْ كِلَاهُمَا عَلَامَةٌ تَفْصِلُ زَمَانَ الْفِطْرِ مِنْ زَمَانِ الصَّوْمِ.
وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّ الرُّؤْيَةَ تَثْبُتُ بِالْخَبَرِ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَرَهُ، فَهَلْ يَتَعَدَّى ذَلِكَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ؟ - أَعْنِي: هَلْ يَجِبُ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ مَا إِذَا لَمْ يَرَوْهُ أَنْ يَأْخُذُوا فِي ذَلِكَ بِرُؤْيَةِ بَلَدٍ آخَرَ أَمْ لِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَةٌ؟ - فِيهِ خِلَافٌ، فَأَمَّا مَالِكٌ فَإِنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَالْمِصْرِيِّينَ رَوَوْا عَنْهُ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ أَهْلِ بَلَدٍ أَنَّ أَهْلَ بَلَدٍ آخَرَ رَأَوُا الْهِلَالَ أَنَّ عَلَيْهِمْ قَضَاءَ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي أَفْطَرُوهُ وَصَامَهُ غَيْرُهُمْ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ. وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا تَلْزَمُ بِالْخَبَرِ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الرُّؤْيَةُ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ يَحْمِلُ النَّاسَ عَلَى ذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَا يُرَاعَى ذَلِكَ فِي الْبُلْدَانِ النَّائِيَةِ كَالْأَنْدَلُسِ وَالْحِجَازِ.
وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الْخِلَافِ: تَعَارُضُ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ.
أَمَّا النَّظَرُ: فَهُوَ أَنَّ الْبِلَادَ إِذَا لَمْ تَخْتَلِفْ مَطَالِعُهَا كُلَّ الِاخْتِلَافِ فَيَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّهَا فِي قِيَاسِ الْأُفُقِ الْوَاحِدِ. وَأَمَّا إِذَا اخْتَلَفَتِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَلَيْسَ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.
وَأَمَّا الْأَثَرُ: فَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ كُرَيْبٍ أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ بَنَتَ الْحَرْثِ بَعَثَتْهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ فَقَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ فَقَضَيْتُ حَاجَتَهَا، وَاسْتَهَلَّ عَلَيَّ رَمَضَانُ وَأَنَا بِالشَّامِ، فَرَأَيْتُ الْهِلَالَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَسَأَلَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الْهِلَالَ فَقَالَ: مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ؟ فَقُلْتُ: رَأَيْتُهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: أَنْتَ رَأَيْتَهُ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ قَالَ: لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُ حَتَّى نُكْمِلَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَوْ نَرَاهُ، فَقُلْتُ: أَلَا تَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ؟ فَقَالَ: لَا، هَكَذَا أَمَرَنَا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -.
فَظَاهِرُ هَذَا الْأَثَرِ يَقْتَضِي أَنَّ لِكُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُ قَرُبَ أَوْ بَعُدَ، وَالنَّظَرُ يُعْطِي الْفَرْقَ بَيْنَ الْبِلَادِ النَّائِيَةِ، وَبِخَاصَّةٍ مَا كَانَ نَأْيُهُ فِي الطُّولِ وَالْعَرْضِ كَثِيرًا. وَإِذَا بَلَغَ الْخَبَرُ مَبْلَغَ التَّوَاتُرِ لَمْ يُحْتَجْ فِيهِ إِلَى شَهَادَةٍ. فَهَذِهِ هِيَ الْمَسَائِلُ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِزَمَانِ الْوُجُوبِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست