responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 30
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فَإِنَّ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ قَالَا: يُحْسَبُ عَلَى الرَّجُلِ مَا أَكَلَ مِنْ ثَمَرِهِ وَزَرْعِهِ قَبْلَ الْحَصَادِ فِي النِّصَابِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ وَيَتْرُكُ الْخَارِصُ لِرَبِّ الْمَالِ مَا يَأْكُلُ هُوَ وَأَهْلُهُ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: مَا يُعَارِضُ الْآثَارَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْكِتَابِ وَالْقِيَاسِ: أَمَّا السُّنَّةُ فِي ذَلِكَ: فَمَا رَوَاهُ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ أَبَا حَثْمَةَ خَارِصًا، فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا حَثْمَةَ قَدْ زَادَ عَلَيَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إِنَّ ابْنَ عَمِّكَ يَزْعُمُ أَنَّكَ زِدْتَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ تَرَكْتُ لَهُ قَدْرَ عَرِيَّةِ أَهْلِهِ وَمَا يُطْعِمُهُ الْمَسَاكِينَ، وَمَا تُسْقِطُهُ الرِّيحُ، فَقَالَ: قَدْ زَادَكَ ابْنُ عَمِّكَ وَأَنْصَفَكَ» . وَرُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِذَا خَرَصْتُمْ فَدَعُوا الثُّلُثَ، فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبُعَ» . وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «خَفِّفُوا فِي الْخَرْصِ، فَإِنَّ الْمَالَ الْعَرِيَّةُ وَالْآكِلَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَالْعَامِلُ وَالنَّوَائِبُ وَمَا وَجَبَ فِي التَّمْرِ مِنَ الْحَقِّ» .
وَأَمَّا الْكِتَابُ الْمُعَارِضُ لِهَذِهِ الْآثَارِ وَالْقِيَاسُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] .
وَأَمَّا الْقِيَاسُ: فَلِأَنَّهُ مَالٌ فَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَالْوَاجِب مِنْهُ فِي هَذِهِ الْأَجْنَاسِ الثلاثة الَّتِي الزَّكَاةُ مُخْرَجَةٌ مِنْ أَعْيَانِهَا، لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا إِذَا خَرَجَتْ مِنَ الْأَعْيَانِ أَنْفُسِهَا أَنَّهَا مُجْزِئَةٌ.
وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَجُوزُ فِيهَا أَنْ يُخْرِجَ بَدَلَ الْعَيْنِ الْقَيِّمَةَ أَوْ لَا يَجُوزُ؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَا يَجُوزُ إِخْرَاجُ الْقِيَمِ فِي الزَّكَوَاتِ بَدَلَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي الزَّكَوَاتِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ، سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلِ الزَّكَاةُ عِبَادَةٌ، أَوْ حَقٌّ وَاجِبٌ لِلْمَسَاكِينِ؟ فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا عِبَادَةٌ قَالَ: إِنْ أَخْرَجَ مِنْ غَيْرِ تِلْكَ الْأَعْيَانِ لَمْ يَجُزْ ; لِأَنَّهُ إِذَا أَتَى بِالْعِبَادَةِ عَلَى غَيْرِ الْجِهَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا فَهِيَ فَاسِدَةٌ، وَمَنْ قَالَ: هِيَ حَقٌّ لِلْمَسَاكِينِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالْعَيْنِ عِنْدَهُ. وَقَدْ قَالَتِ الشَّافِعِيَّةُ: لَنَا أَنْ نَقُولَ - وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهَا حَقٌّ لِلْمَسَاكِينِ -: إِنَّ الشَّارِعَ إِنَّمَا عَلَّقَ الْحَقَّ بِالْعَيْنِ تصدر مِنْهُ لِتَشْرِيَكِ الْفُقَرَاءِ مَعَ الْأَغْنِيَاءِ فِي أَعْيَانِ الْأَمْوَالِ. وَالْحَنَفِيَّةُ تَقُولُ: إِنَّمَا خُصَّتْ بِالذِّكْرِ أَعْيَانُ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست