responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 209
وأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ إِنْ قَطَعَ أَعْضَاءَ الذَّكَاةِ مِنْ نَاحِيَةِ الْعُنُقِ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ لَا يَخْتَلِفُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ مَذْهَبُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِمْ. وَأَجَازَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هَلْ تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِي الْمَنْفُوذَةِ الْمَقَاتِلِ أَمْ لَا تَعْمَلُ، وَذَلِكَ أَنَّ الْقَاطِعَ لِأَعْضَاءِ الذَّكَاةِ مِنَ الْقَفَا لَا يَصِلُ إِلَيْهَا بِالْقَطْعِ إِلَّا بَعْدَ قَطْعِ النُّخَاعِ، وَهُوَ مَقْتَلٌ مِنَ الْمَقَاتِلِ، فَتَرِدُ الذَّكَاةُ عَلَى حَيَوَانٍ قَدْ أُصِيبَ مَقْتَلُهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ سَبَبُ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: وَهِيَ أَنْ يَتَمَادَى الذَّابِحُ بِالذَّبْحِ حَتَّى يَقْطَعَ النُّخَاعَ) : فَإِنَّ مَالِكًا كَرِهَ ذَلِكَ إِذَا تَمَادَى فِي الْقَطْعِ وَلَمْ يَنْوِ قَطْعَ النُّخَاعِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ، لِأَنَّهُ إِنْ نَوَى ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ نَوَى التَّذْكِيَةَ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ الْجَائِزَةِ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ، وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَا تُؤْكَلُ إِنْ قَطَعَهَا مُتَعَمِّدًا دُونَ جَهْلٍ، وَتُؤْكَلُ إِنْ قَطَعَهَا سَاهِيًا أَوْ جَاهِلًا.

وأَمَّا الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: وَهِيَ هَلْ مِنْ شَرْطِ الذَّكَاةِ أَنْ تَكُونَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ؟ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ لَا يَخْتَلِفُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِ الذَّكَاةِ، وَأَنَّهُ إِذَا رَفَعَ يَدَهُ قَبْلَ تَمَامِ الذَّبْحِ ثُمَّ أَعَادَهَا ; وَقَدْ تَبَاعَدَ ذَلِكَ أَنَّ تِلْكَ الذَّكَاةَ لَا تَجُوزُ. وَاخْتَلَفُوا إِذَا أَعَادَ يَدَهُ بِفَوْرِ ذَلِكَ وَبِالْقُرْبِ، فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إِنْ أَعَادَ يَدَهُ بِالْفَوْرِ أُكِلَتْ. وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا تُؤْكَلُ ; وَقِيلَ إِنْ رَفَعَهَا لِمَكَانِ الِاخْتِبَارِ هَلْ تَمَّتِ الذَّكَاةُ أَمْ لَا فَأَعَادَهَا عَلَى الْفَوْرِ إِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا لَمْ تَتِمَّ أُكِلَتْ، وَهُوَ أَحَدُ مَا تُؤُوِّلَ عَلَى سَحْنُونٍ، وَقَدْ تُؤُوِّلَ قَوْلُهُ عَلَى الْكَرَاهَةِ.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ: وَلَوْ قِيلَ عَكْسُ هَذَا لَكَانَ أَجْوَدَ أَعْنِي أَنَّهُ إِذَا رَفَعَ يَدَهُ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ الذَّكَاةَ فَتَبَيَّنَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ فَأَعَادَهَا أَنَّهَا تُؤْكَلُ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَقَعَ عَنْ شَكٍّ، وَهَذَا عَنِ اعْتِقَادٍ ظَنَّهُ يَقِينًا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ الذَّكَاةِ قَطْعَ كُلِّ أَعْضَاءِ الذَّكَاةِ، فَإِذَا رَفَعَ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ تُسْتَتَمَّ كَانَتْ مَنْفُوذَةَ الْمَقَاتِلِ غَيْرَ مُذَكَّاةٍ، فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهَا الْعَوْدَةُ، لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ ذَكَاةٍ طَرَأَتْ عَلَى الْمَنْفُوذَةِ الْمَقَاتِلِ.

[الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا تَكُونُ بِهِ الذَّكَاةُ]
ُ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَفَرَى الْأَوْدَاجَ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ صَخْرٍ أَوْ عُودٍ أَوْ قَضِيبٍ أَنَّ التَّذْكِيَةَ بِهِ جَائِزَةٌ.
وَاخْتَلَفُوا فِي ثَلَاثَةٍ: فِي السِّنِّ، وَالظُّفْرِ، وَالْعَظْمِ، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ أَجَازَ التَّذْكِيَةَ بِالْعَظْمِ، وَمَنَعَهَا بِالسِّنِّ وَالظُّفْرِ، وَالَّذِينَ مَنَعُوهَا بِالسِّنِّ وَالظُّفْرِ مِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا مَنْزُوعَيْنِ أَوْ لَا يَكُونَا مَنْزُوعَيْنِ: فَأَجَازَ التَّذْكِيَةَ بِهِمَا إِذَا كَانَا مَنْزُوعَيْنِ، وَلَمْ يُجِزْهَا إِذَا كَانَا مُتَّصِلَيْنِ ; وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّ الذَّكَاةَ بِالسِّنِّ وَالْعَظْمِ مَكْرُوهَةٌ غَيْرُ مَمْنُوعَةٍ.
وَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الذَّكَاةَ بِالْعَظْمِ جَائِزَةٌ إِذَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَاخْتُلِفَ فِي السِّنِّ وَالظُّفْرِ فِيهِ عَلَى الْأَقَاوِيلِ الثَّلَاثَةِ أَعْنِي: بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا، وَالْفَرْقِ فِيهِمَا بَيْنَ الِانْفِصَالِ وَالِاتِّصَالِ، وَبِالْكَرَاهِيَةِ لَا بِالْمَنْعِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 209
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست