responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 205
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَاخْتَلَفُوا فِي تَأْثِيرِ الذَّكَاةِ فِي الْبَهِيمَةِ الَّتِي أَشْرَفَتْ عَلَى الْمَوْتِ مِنْ شِدَّةِ الْمَرَضِ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَمَلِ الذَّكَاةِ فِي الَّتِي تُشْرِفُ عَلَى الْمَوْتِ؛ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ تَعْمَلُ فِيهَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَعْمَلُ فِيهَا.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ مُعَارَضَةُ الْقِيَاسِ لِلْأَثَرِ. فَأَمَّا الْأَثَرُ: فَهُوَ مَا رُوِيَ: «أَنَّ أَمَةً لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ كَانَتْ تَرْعَى غَنَمًا بِسَلْعٍ فَأُصِيبَتْ شَاةٌ مِنْهَا، فَأَدْرَكَتْهَا فَذَكَّتْهَا بِحَجَرٍ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: كُلُوهَا» أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
وَأَمَّا الْقِيَاسُ: فَلِأَنَّ الْمَعْلُومَ مِنَ الذَّكَاةِ أَنَّهَا إِنَّمَا تُفْعَلُ فِي الْحَيِّ وَهَذِهِ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ وَكُلُّ مَنْ أَجَازَ ذَبْحَهَا فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِيهَا إِلَّا إِذَا كَانَ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى الْحَيَاةِ.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَا هُوَ الدَّلِيلُ الْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ، فَبَعْضُهُمُ اعْتَبَرَ الْحَرَكَةَ وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَعْتَبِرْهَا، وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالثَّانِي مَذْهَبُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ; وَبَعْضُهُمُ اعْتَبَرَ فِيهَا ثَلَاثَ حَرَكَاتٍ: طَرْفُ الْعَيْنِ وَتَحْرِيكُ الذَّنَبِ وَالرَّكْضُ بِالرِّجْلِ، وَهُوَ مَذْهَبُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ وَبَعْضُهُمْ شَرَطَ مَعَ هَذِهِ التَّنَفُّسَ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ حَبِيبٍ.

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَاخْتَلَفُوا هَلْ تَعْمَلُ ذَكَاةُ الْأُمِّ فِي جَنِينِهَا أَمْ لَيْسَ تَعْمَلُ فِيهِ ; وَإِنَّمَا هُوَ مَيْتَةٌ أَعْنِي: إِذَا خَرَجَ مِنْهَا بَعْدَ ذَبْحِ الْأُمِّ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ ذَكَاةَ الْأُمِّ ذَكَاةٌ لِجَنِينِهَا، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إِنْ خَرَجَ حَيًّا ذُبِحَ وَأُكِلُ، وَإِنْ خَرَجَ مَيِّتًا فَهُوَ مَيْتَةٌ.
وَالَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ ذَكَاةَ الْأُمِّ ذَكَاةٌ لَهُ، بَعْضُهُمُ اشْتَرَطَ فِي ذَلِكَ تَمَامَ خِلْقَتِهِ وَنَبَاتَ شَعْرِهِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ. وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ اخْتِلَافُهُمْ فِي صِحَّةِ الْأَثَرِ الْمَرْوِيِّ فِي ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ مَعَ مُخَالَفَتِهِ لِلْأُصُولِ، وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ هُوَ: قَالَ: «سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْبَقَرَةِ أَوِ النَّاقَةِ أَوِ الشَّاةِ يَنْحَرُهَا أَحَدُنَا فَنَجِدُ فِي بَطْنِهَا جَنِينًا أَنَأْكُلُهُ أَوْ نُلْقِيهِ؟ فَقَالَ: كُلُوهُ إِنْ شِئْتُمْ فَإِنَّ ذَكَاتَهُ ذَكَاةُ أُمِّهِ» . وَخَرَّجَ مِثْلَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ جَابِرٍ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَصْحِيحِ هَذَا الْأَثَرِ فَلَمْ يُصَحِّحْهُ بَعْضُهُمْ وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ، وَأَحَدُ مَنْ صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَأَمَّا مُخَالَفَةُ الْأَصْلِ فِي هَذَا الْبَابِ لِلْأَثَرِ، فَهُوَ أَنَّ الْجَنِينَ إِذَا كَانَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ بِمَوْتِ أُمِّهِ فَإِنَّمَا يَمُوتُ خَنْقًا، فَهُوَ مِنَ الْمُنْخَنِقَةِ الَّتِي وَرَدَ النَّصُّ بِتَحْرِيمِهَا، وَإِلَى تَحْرِيمِهِ ذَهَبَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ، وَلَمْ يَرْضَ سَنَدَ الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْقَائِلِينَ بِحِلِّيَّتِهِ فِي اشْتِرَاطِهِمْ نَبَاتَ الشَّعْرِ فِيهِ أَوْ لَا اشْتِرَاطِهِ فَالسَّبَبُ فِيهِ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 205
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست