responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 196
فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ» خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ.
وَالْعُمُومُ هُوَ: مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نِيَارٍ خَرَّجَهُ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَلَا تُجْزِي جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» .
فَمَنْ رَجَّحَ هَذَا الْعُمُومَ عَلَى الْخُصُوصِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ مُدَلِّسٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ، وَالْمُدَلِّسُ عِنْدَهُمْ مَنْ لَيْسَ يُجْرِي الْعَنْعَنَةَ مِنْ قَوْلِهِ مَجْرَى الْمُسْنَدِ لِتَسَامُحِهِ فِي ذَلِكَ، وَحَدِيثُ أَبِي بُرْدَةَ لَا مَطْعَنَ فِيهِ.
وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى بِنَاءِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ عَلَى مَا هُوَ الْمَشْهُورُ َعِنْدَ جُمْهُورِ الْأُصُولِيِّينَ فَإِنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْعُمُومِ جَذَعَ الضَّأْنِ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْأَوْلَى، وَقَدْ صَحَّحَ هَذَا الْحَدِيثَ أَبُو بَكْرِ بْنُ صَفُّورَ، وَخَطَّأَ أَبَا مُحَمَّدِ بْنَ حَزْمٍ فِيمَا نَسَبَ إِلَى أَبِي الزُّبَيْرِ فِي غَالِبِ ظَنِّي فِي قَوْلٍ لَهُ رَدَّ فِيهِ عَلَى ابْنِ حَزْمٍ.

وأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ عَدَدُ مَا يُجْزِي مِنَ الضَّحَايَا عَنِ الْمُضَحِّينَ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ أَنْ يَذْبَحَ الرَّجُلُ الْكَبْشَ أَوِ الْبَقَرَةَ أَوِ الْبَدَنَةَ مُضَحِّيًا عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ بِالشَّرْعِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ الْهَدَايَا. وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ أَنْ يَنْحَرَ الرَّجُلُ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعٍ، وَكَذَلِكَ الْبَقَرَةَ مُضَحِّيًا أَوْ مُهْدِيًّا. وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْكَبْشَ لَا يُجْزِي إِلَّا عَنْ وَاحِدٍ، إِلَّا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ مِنْ أَنَّهُ يُجْزِي أَنْ يَذْبَحَهُ الرَّجُلُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لَا عَلَى جِهَةِ الشَّرِكَةِ بَلْ إِذَا اشْتَرَاهُ مُفْرَدًا، وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: «كُنَّا بِمِنًى فَدُخِلَ عَلَيْنَا بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْنَا مَا هُوَ؟ فَقَالُوا: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ أَزْوَاجِهِ» . وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ عَلَى وَجْهِ الْكَرَاهَةِ لَا عَلَى وَجْهِ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْأَصْلِ فِي ذَلِكَ لِلْقِيَاسِ الْمَبْنِيِّ عَلَى الْأَثَرِ الْوَارِدِ فِي الْهَدَايَا.
وَذَلِكَ أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ أَنْ لَا يُجْزِي إِلَّا وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدٍ، وَلِذَلِكَ اتَّفَقُوا عَلَى مَنْعِ الِاشْتِرَاكِ فِي الضَّأْنِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ الْأَصْلَ هُوَ أَنْ لَا يُجْزِي إِلَّا وَاحِدٌ عَنْ وَاحِدٍ، لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّضْحِيَةِ لَا يَتَبَعَّضُ إِذْ كَانَ مَنْ كَانَ لَهُ شِرْكٌ فِي ضَحِيَّةٍ لَيْسَ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ مُضَحٍّ إِلَّا إِنْ قَامَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْأَثَرُ الَّذِي انْبَنَى عَلَيْهِ الْقِيَاسُ الْمُعَارِضُ لِهَذَا الْأَصْلِ فَمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ: «نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ» . وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 196
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست