responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 180
مَدِينَةٍ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُعْطِيهِمْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ، قَالَ: فَإِنْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ أَجَزْأَهُ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافُهُمْ فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] هَلِ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَكْلَةٌ وَاحِدَةٌ، أَوْ قُوتُ الْيَوْمِ، وَهُوَ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ؟ فَمَنْ قَالَ: أَكْلَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ: الْمُدُّ وَسَطٌ فِي الشِّبَعِ. وَمَنْ قَالَ: غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ قَالَ: نِصْفُ صَاعٍ.
وَلِاخْتِلَافِهِمْ أَيْضًا سَبَبٌ آخَرُ، وَهُوَ تَرَدُّدُ هَذِهِ الْكَفَّارَةِ بَيْنَ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ مُتَعَمِّدًا فِي رَمَضَانَ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْأَذَى. فَمَنْ شَبَّهَهَا بِكَفَّارَةِ الْفِطْرِ قَالَ: مُدٌّ وَاحِدٌ، وَمَنْ شَبَّهَهَا بِكَفَّارَةِ الْأَذَى قَالَ: نِصْفُ صَاعٍ.
وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَكُونُ مَعَ الْخُبْزِ فِي ذَلِكَ إِدَامٌ أَمْ لَا؟ وَإِنْ كَانَ فَمَا هُوَ الْوَسَطُ فِيهِ؟ فَقِيلَ: يُجْزِي الْخُبْزُ قِفَارًا. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُجْزِي. وَقِيلَ: الْوَسَطُ مِنَ الْإِدَامِ: الزَّيْتُ. وَقِيلَ: اللَّبَنُ وَالسَّمْنُ وَالتَّمْرُ.
وَاخْتَلَفُوا أَصْحَابُ مَالِكٍ مَنِ الْأَهْلُ الَّذِينَ أَضَافَ إِلَيْهِمُ الْوَسَطَ مِنَ الطَّعَامِ فِي قَوْله تَعَالَى: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] ؟ فَقِيلَ: أَهْلُ الْمُكَفِّرِ، وَعَلَى هَذَا إِنَّمَا يُخْرَجُ الْوَسَطُ مِنَ الشَّيْءِ الَّذِي مِنْهُ يَعِيشُ، إِنْ قُطْنِيَّةً فَقُطْنِيَّةٌ، وَإِنْ حِنْطَةً فَحِنْطَةٌ، وَقِيلَ: بَلْ هُمْ أَهْلُ الْبَلَدِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُعْتَبَرُ فِي اللَّازِمِ لَهُ هُوَ الْوَسَطُ مِنْ عَيْشِ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا مِنْ عَيْشِهِ أَعْنِي الْغَالِبَ، وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يُحْمَلُ قِدْرُ الْوَسَطِ مِنَ الْإِطْعَامِ، أَعْنِي الْوَسَطَ مِنْ قَدْرِ مَا يُطْعِمُ أَهْلَهُ، أَوِ الْوَسَطَ مِنْ قَدْرِ مَا يُطْعِمُ أَهْلُ الْبَلَدِ أَهْلِيهِمْ إِلَّا فِي الْمَدِينَةِ خَاصَّةً.

وأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: وَهِيَ الْمُجْزِئُ مِنَ الْكِسْوَةِ فَإِنَّ مَالِكًا رَأَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي ذَلِكَ هُوَ أَنْ يَكْسِيَ مَا يُجْزِئُ فِيهِ الصَّلَاةُ، فَإِنْ كَسَا الرَّجُلَ كَسَا ثَوْبًا، وَإِنْ كَسَا النِّسَاءَ كَسَا ثَوْبَيْنِ دِرْعًا وَخِمَارًا. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ أَقَلُّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ: إِزَارٌ، أَوْ قَمِيصٌ، أَوْ سَرَاوِيلُ، أَوْ عِمَامَةٌ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا تُجْزِي الْعِمَامَةُ، وَلَا السَّرَاوِيلُ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هَلِ الْوَاجِبُ الْأَخْذُ بِأَقَلِّ دَلَالَةِ الِاسْمِ اللُّغَوِيِّ أَوِ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ.

وأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ اخْتِلَافُهُمْ فِي اشْتِرَاطِ تَتَابُعِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ فِي الصِّيَامِ) : فَإِنَّ مَالِكًا، وَالشَّافِعِيَّ لَمْ يَشْتَرِطَا فِي ذَلِكَ وُجُوبَ التَّتَابُعِ، وَإِنْ كَانَا اسْتَحَبَّاهُ، وَاشْتَرَطَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: هَلْ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْقِرَاءَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الْمُصْحَفِ، وَذَلِكَ أَنَّ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ.
وَالسَّبَبُ الثَّانِي: اخْتِلَافُهُمْ هَلْ يُحْمَلُ الْأَمْرُ بِمُطْلَقِ الصَّوْمِ عَلَى التَّتَابُعِ، أَمْ لَيْسَ يُحْمَلُ؟ إِذَا كَانَ الْأَصْلُ فِي الصِّيَامِ الْوَاجِبِ بِالشَّرْعِ إِنَّمَا هُوَ التَّتَابُعُ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 180
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست