responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 173
الَّتِي هِيَ بِصِيَغِ الْقَسَمِ إِنَّمَا هِيَ الْأَيْمَانُ الْوَاقِعَةُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِأَسْمَائِهِ قَالَ: لَا كَفَّارَةَ فِيهَا إِذْ لَيْسَتْ بِيَمِينٍ. وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْأَيْمَانَ تَنْعَقِدُ بِكُلِّ مَا عَظَّمَ الشَّرْعُ حُرْمَتَهُ قَالَ: فِيهَا الْكَفَّارَةُ، لِأَنَّ الْحَلِفَ بِالتَّعْظِيمِ كَالْحَلِفِ بِتَرْكِ التَّعْظِيمِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَمَا يَجِبُ التَّعْظِيمُ يَجِبُ أَنْ لَا يُتْرَكَ التَّعْظِيمُ، فَكَمَا أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِوُجُوبِ حَقِّ اللَّهِ عَلَيْهِ لَزِمَهُ، كَذَلِكَ مَنْ حَلَفَ بِتَرْكِ وُجُوبِهِ لَزِمَهُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: وَاتَّفَقَ الْجُمْهُورُ فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي لَيْسَتْ إِقْسَامًا بِشَيْءٍ، وَإِنَّمَا تَخْرُجُ مَخْرَجَ الْإِلْزَامِ الْوَاقِعِ بِشَرْطٍ مِنَ الشُّرُوطِ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ: فَإِنْ فَعَلْتُ كَذَا فَعَلَيَّ مَشْيٌ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ، أَوْ إِنْ فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا فَغُلَامِي حُرٌّ أَوِ امْرَأَتِي طَالِقٌ أَنَّهَا تَلْزَمُ فِي الْقُرَبِ، وَفِيمَا إِذَا الْتَزَمَهُ الْإِنْسَانُ لَزِمَهُ بِالشَّرْعِ، مِثْلَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ. وَاخْتَلَفُوا هَلْ فِيهَا كَفَّارَةٌ أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنْ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَثِمَ وَلَا بُدَّ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ هَذَا الْجِنْسَ مِنَ الْأَيْمَانِ فِيهَا الْكَفَّارَةُ إِلَّا الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ. وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: يُكَفِّرُ مَنْ حَلَفَ بِالْعِتْقِ. وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ مَرْوِيٌّ عَنْ عَائِشَةَ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هَلْ هِيَ يَمِينٌ أَوْ نَذْرٌ؟ فَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا يَمِينٌ أَوْجَبَ فِيهَا الْكَفَّارَةَ، لِدُخُولِهَا تَحْتَ عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] الْآيَةَ.
وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا مَنْ جِنْسِ النَّذْرِ: أَيْ مِنْ جِنْسِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي نَصَّ الشَّرْعُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا الْتَزَمَهَا الْإِنْسَانُ لَزِمَتْهُ قَالَ: لَا كَفَّارَةَ فِيهَا، لَكِنْ يَعْسُرُ هَذَا عَلَى الْمَالِكِيَّةِ لِتَسْمِيَتِهِمْ إِيَّاهَا أَيْمَانًا، لَكِنْ لَعَلَّهُمْ إِنَّمَا سَمَّوْهَا أَيْمَانًا عَلَى طَرِيقِ التَّجَوُّزِ وَالتَّوَسُّعِ.
وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَيْسَ يَجِبُ أَنْ تُسَمَّى بِحَسَبِ الدَّلَالَةِ اللُّغَوِيَّةِ أَيْمَانًا، فَإِنَّ الْأَيْمَانَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لَهَا صِيَغٌ مَخْصُوصَةٌ، وَإِنَّمَا يَقَعُ الْيَمِينُ بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي تُعَظَّمُ وَلَيْسَتْ صِيغَةُ الشَّرْطِ هِيَ صِيغَةَ الْيَمِينِ.
فَأَمَّا هَلْ تُسَمَّى أَيْمَانًا بِالْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ؟ وَهَلْ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَيْمَانِ؟ فَفِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» . وَقَالَ تَعَالَى: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] إِلَى قَوْلِهِ: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: 2] فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ قَدْ سُمِّيَ بِالشَّرْعِ الْقَوْلُ الَّذِي مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ الشَّرْطِ أَوْ مَخْرَجُ الْإِلْزَامِ دُونَ شَرْطِ وَلَا يَمِينَ، فَيَجِبُ أَنْ تُحْمَلَ عَلَى ذَلِكَ جَمِيعُ الْأَقَاوِيلِ الَّتِي تَجْرِي هَذَا الْمَجْرَى، لَا مَا خَصَّصَهُ الْإِجْمَاعُ مِنْ ذَلِكَ مِثْلَ الطَّلَاقِ، فَظَاهِرُ الْحَدِيثِ يُعْطِي أَنَّ النَّذْرَ لَيْسَ بِيَمِينٍ، وَأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْيَمِينِ.
وَذَهَبَ دَاوُدُ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ أَعْنِي الْخَارِجَةَ مَخْرَجَ الشَّرْطِ إِلَّا مَا أَلْزَمَهُ الْإِجْمَاعُ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنُذُورٍ فَيَلْزَمُ فِيهَا النَّذْرُ، وَلَا بِأَيْمَانٍ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست