responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 168
وأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: وَهِيَ كَمْ أَصْنَافُ الْجِزْيَةِ؟ فَإِنَّ الْجِزْيَةَ عِنْدَهُمْ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ:
جِزْيَةٌ عَنْوِيَّةٌ: وَهِيَ هَذِهِ الَّتِي تَكَلَّمْنَا فِيهَا أَعْنِي: الَّتِي تُفْرَضُ عَلَى الْحَرْبِيِّينَ بَعْدَ غَلَبَتِهِمْ) .
وَجِزْيَةٌ صُلْحِيَّةٌ: وَهِيَ الَّتِي يَتَبَرَّعُونَ بِهَا لِيُكَفَّ عَنْهُمْ، وَهَذِهِ لَيْسَ فِيهَا تَوْقِيتٌ، لَا فِي الْوَاجِبِ، وَلَا فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَا مَتَى يَجِبُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ رَاجِعٌ إِلَى الِاتِّفَاقِ الْوَاقِعِ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الصُّلْحِ، إِلَّا أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: إِنَّهُ إِنْ كَانَ قَبُولُ الْجِزْيَةِ الصُّلْحِيَّةِ وَاجِبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَاهُنَا قَدْرٌ مَا إِذَا أَعْطَاهُ مِنْ أَنْفُسِهِمُ الْكُفَّارُ وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَيَكُونُ أَقَلُّهَا مَحْدُودًا، وَأَكْثَرُهَا غَيْرَ مَحْدُودٍ.
وَأَمَّا الْجِزْيَةُ الثَّالِثَةُ: فَهِيَ الْعُشْرِيَّةُ: وَذَلِكَ أَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ عُشْرٌ، وَلَا زَكَاةٌ أَصْلًا فِي أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ ضَاعَفُوا الصَّدَقَةَ عَلَى نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ (أَعْنِي أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا إِعْطَاءَ ضِعْفِ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَلْزَمُ فِيهَا الْمُسْلِمِينَ الصَّدَقَةُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَهُوَ فِعْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِهِمْ، وَلَيْسَ يُحْفَظُ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ نَصٌّ فِيمَا حَكَوْا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ.
وَاخْتَلَفُوا هَلْ يَجِبُ الْعُشْرُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي يَتَّجِرُونَ بِهَا إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ بِنَفْسِ التِّجَارَةِ ; أَوِ الْإِذْنِ إِنْ كَانُوا حَرْبِيِّينَ ; أَمْ لَا تَجِبُ إِلَّا بِالشَّرْطِ؟ فَرَأَى مَالِكٌ وَكَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ تُجَّارَ أَهْلِ الذِّمَّةِ الَّذِينَ لَزِمَتْهُمْ بِالْإِقْرَارِ فِي بَلَدِهِمِ الْجِزْيَةُ يَجِبُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمْ مِمَّا يَجْلِبُونَهُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدِ الْعُشْرُ، إِلَّا مَا يَسُوقُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ خَاصَّةً فَيُؤْخَذُ مِنْهُ فِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ.
وَوَافَقَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي وُجُوبِهِ بِالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ أَوْ بِالتِّجَارَةِ نَفْسِهَا وَخَالَفَهُ فِي الْقَدْرِ، فَقَالَ: الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ نِصْفُ الْعُشْرِ.
وَمَالِكٌ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِمْ فِي الْعُشْرِ الْوَاجِبِ عِنْدَهُ نِصَابًا وَلَا حَوْلًا. وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَاشْتَرَطَ فِي وُجُوبِ نِصْفِ الْعُشْرِ عَلَيْهِمُ الْحَوْلَ وَالنِّصَابَ، وَهُوَ نِصَابُ الْمُسْلِمِينَ نَفْسُهُ الْمَذْكُورُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ عُشْرٌ أَصْلًا، وَلَا نِصْفُ عُشْرٍ فِي نَفْسِ التِّجَارَةِ وَلَا فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مَحْدُودٌ إِلَّا مَا اصْطُلِحَ عَلَيْهِ أَوِ اشْتُرِطَ، فَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْجِزْيَةُ الْعُشْرِيَّةُ مِنْ نَوْعِ الْجِزْيَةِ الصُّلْحِيَّةِ، وَعَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ تَكُونُ جِنْسًا ثَالِثًا مِنَ الْجِزْيَةِ غَيْرِ الصُّلْحِيَّةِ وَالَّتِي عَلَى الرِّقَابِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُنَّةٌ يُرْجَعُ إِلَيْهَا ; وَإِنَّمَا ثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ.
فَمَنْ رَأَى أَنَّ فِعْلَ عُمَرَ هَذَا إِنَّمَا فَعَلَهُ بِأَمْرٍ كَانَ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سُنَّتَهُمْ. وَمَنْ رَأَى أَنَّ فِعْلَهُ هَذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ ; إِذْ لَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَذَكَرَهُ، قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ بِسُنَّةٍ لَازِمَةٍ لَهُمْ إِلَّا بِالشَّرْطِ.
وَحَكَى أَبُو عُبَيْدٍ فِي

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 168
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست