responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 161
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ مَا اسْتَرَدَّ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ غَنِيمَةُ الْجَيْشِ لَيْسَ لِصَاحِبِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ قَالَهُ الزُّهْرِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ مَا وُجِدَ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ الْقَسْمِ فَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ بِلَا ثَمَنٍ، وَمَا وُجِدَ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَسْمِ فَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ بِالْقِيمَةِ، وَهَؤُلَاءِ انْقَسَمُوا قِسْمَيْنِ:
فَبَعْضُهُمْ رَأَى هَذَا الرَّأْيَ فِي كُلِّ مَا اسْتَرَدَّهُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ بِأَيِّ وَجْهٍ صَارَ ذَلِكَ إِلَى أَيْدِي الْكُفَّارِ، وَفِي أَيِّ مَوْضِعٍ صَارَ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ: مَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَجَمَاعَةٌ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
وَبَعْضُهُمْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا صَارَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى أَيْدِي الْكُفَّارِ غَلَبَةً وَحَازُوهُ حَتَّى أَوْصَلُوهُ إِلَى دَارِ الْمُشْرِكِينَ، وَبَيْنَ مَا أُخِذَ مِنْهُمْ قَبْلَ أَنْ يَحُوزُوهُ وَيَبْلُغُوا بِهِ دَارَ الشِّرْكِ، فَقَالُوا: مَا حَازُوهُ فَحُكْمُهُ إِنْ أَلْفَاهُ صَاحِبُهُ قَبْلَ الْقَسْمِ فَهُوَ لَهُ، وَإِنْ أَلْفَاهُ بَعْدَ الْقَسْمِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ.
قَالُوا: وَأَمَّا مَا لَمْ يَحُزْهُ الْعَدُوُّ بِأَنْ يَبْلُغُوا دَارَهُمْ بِهِ فَصَاحِبُهُ أَحَقُّ بِهِ قَبْلَ الْقَسْمِ وَبَعْدَهُ، وَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ الرَّابِعُ.
وَاخْتِلَافُهُمْ رَاجِعٌ إِلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي هَلْ يَمْلِكُ الْكُفَّارُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَمْوَالَهُمْ إِذَا غَلَبُوهُمْ عَلَيْهَا أَمْ لَيْسَ يَمْلِكُونَهَا؟ .
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تَعَارُضُ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ وَالْقِيَاسِ، وَذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَيْسَ يَمْلِكُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا، وَهُوَ قَالَ: «أَغَارَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى سَرْحِ الْمَدِينَةِ وَأَخَذُوا الْعَضْبَاءَ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَامْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَامَتِ الْمَرْأَةُ وَقَدْ نَامُوا، فَجَعَلَتْ لَا تَضَعُ يَدَهَا عَلَى بَعِيرٍ إِلَّا أَرْغَى حَتَّى أَتَتْ نَاقَةً ذَلُولًا فَرَكِبَتْهَا ثُمَّ تَوَجَّهَتْ قِبَلَ الْمَدِينَةِ، وَنَذَرَتْ لَئِنْ نَجَّاهَا اللَّهُ لَتَنْحَرَنَّهَا، فَلَمَّا قَدِمَتِ الْمَدِينَةَ عُرِفَتِ النَّاقَةُ، فَأَتَوْا بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَخْبَرَتْهُ الْمَرْأَةُ بِنَذْرِهَا، فَقَالَ: " بِئْسَ مَا جَزَيْتِهَا، لَا نَذْرَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ، وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ» . وَكَذَلِكَ يَدُلُّ ظَاهِرُ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَلَى مِثْلِ هَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ أَغَارَ لَهُ فَرَسٌ فَأَخَذَهَا الْعَدُوُّ فَظَهَرَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، فَرُدَّتْ عَلَيْهِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُمَا حَدِيثَانِ ثَابِتَانِ.
وَأَمَّا الْأَثَرُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى مِلْكِ الْكُفَّارِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ: فَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ مَنْزِلٍ» يَعْنِي: أَنَّهُ بَاعَ دُورَهُ الَّتِي كَانَتْ لَهُ بِمَكَّةَ بَعْدَ هِجْرَتِهِ مِنْهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إِلَى الْمَدِينَةِ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 161
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست