responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 156
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْجَعَائِلِ، فَأَجَازَهَا مَالِكٌ، وَمَنَعَهَا غَيْرُهُ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَ ذَلِكَ مِنَ السُّلْطَانِ فَقَطْ، أَوْ إِذَا كَانَتْ ضَرُورَةً، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ.
وَأَمَّا الشَّرْطُ الَّذِي يَجِبُ بِهِ لِلْمُجَاهِدِ السَّهْمُ مِنَ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّهُ إِذَا شَهِدَ الْقِتَالَ وَجَبَ لَهُ السَّهْمُ وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَأَنَّهُ إِذَا جَاءَ بَعْدَ الْقِتَالِ فَلَيْسَ لَهُ سَهْمٌ فِي الْغَنِيمَةِ. وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِذَا لَحِقَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجُوا إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَجَبَ لَهُ حَظُّهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ إِنِ اشْتَغَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْبَابِهَا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ سَبَبَانِ: الْقِيَاسُ وَالْأَثَرُ. أَمَّا الْقِيَاسُ فَهُوَ هَلْ يُلْحَقُ تَأْثِيرُ الْغَازِي فِي الْحِفْظِ بِتَأْثِيرِهِ فِي الْأَخْذِ؟ وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي شَهِدَ الْقِتَالَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْأَخْذِ، أَعْنِي: فِي أَخْذِ الْغَنِيمَةِ. وَبِذَلِكَ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ، وَالَّذِي جَاءَ قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إِلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْحِفْظِ؛ فَمَنْ شَبَّهَ التَّأْثِيرَ فِي الْحِفْظِ بِالتَّأْثِيرِ فِي الْأَخْذِ قَالَ: يَجِبُ لَهُ السَّهْمُ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرِ الْقِتَالَ. وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْحِفْظَ أَضْعَفُ لَمْ يُوجِبْ لَهُ.
وَأَمَّا الْأَثَرُ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ أَثَرَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَعَثَ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ عَلَى سَرِيَّةٍ مِنَ الْمَدِينَةِ قِبَلَ نَجْدٍ، فَقَدِمَ أَبَانٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ بَعْدَمَا فَتَحُوهَا، فَقَالَ أَبَانٌ: اقْسِمْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ! فَلَمْ يَقْسِمْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» .
وَالْأَثَرُ الثَّانِي: مَا رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ يَوْمَ بَدْرٍ: «إِنَّ عُثْمَانَ انْطَلَقَ فِي حَاجَةِ اللَّهِ وَحَاجَةِ رَسُولِهِ، فَضَرَبَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِسَهْمٍ، وَلَمْ يَضْرِبْ لِأَحَدٍ غَابَ عَنْهَا» . قَالُوا: فَوَجَبَ لَهُ السَّهْمُ؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ كَانَ بِسَبَبِ الْإِمَامِ.
قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ: وَثَبَتَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقِيعَةَ.
وَأَمَّا السَّرَايَا الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ الْعَسَاكِرِ فَتَغْنَمُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْعَسْكَرِ يُشَارِكُونَهُمْ فِيمَا غَنِمُوا، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا الْغَنِيمَةَ وَلَا الْقِتَالَ، وَذَلِكَ؛ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَتُرَدُّ سَرَايَاهُمْ عَلَى قَعَدَتِهِمْ» خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَلِأَنَّ لَهُمْ تَأْثِيرًا أَيْضًا فِي أَخْذِ الْغَنِيمَةِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِذَا خَرَجَتِ السَّرِيَّةُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ مِنْ عَسْكَرِهِ خَمَّسَهَا، وَمَا بَقِيَ فَلِأَهْلِ السَّرِيَّةِ. وَإِنْ خَرَجُوا بِغَيْرِ إِذْنِهِ خَمَّسَهَا، وَكَانَ مَا بَقِيَ بَيْنَ أَهْلِ الْجَيْشِ كُلِّهِ. وَقَالَ النَّخَعِيُّ: الْإِمَامُ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ خَمَّسَ مَا تَرُدُّ السَّرِيَّةُ، وَإِنْ شَاءَ نَفَّلَهُ كُلَّهُ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 156
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست