responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 151
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «قَدْ هَمَّ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضَ تَمْرِ الْمَدِينَةِ لِبَعْضِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ كَانُوا فِي جُمْلَةِ الْأَحْزَابِ لِتَخْبِيبِهِمْ، فَلَمْ يُوَافِقْهُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي كَانَ سَمَحَ لَهُ بِهِ مِنْ تَمْرِ الْمَدِينَةِ حَتَّى أَفَاءَ اللَّهُ بِنَصْرِهِ» .
وَأَمَّا مَنْ لَمْ يُجِزْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَخَافَ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يُصْطَلَمُوا فَقِيَاسًا عَلَى إِجْمَاعِهِمْ عَلَى جَوَازِ فِدَاءِ أُسَارَى الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ إِذَا صَارُوا فِي هَذَا الْحَدِّ فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأُسَارَى.

[الْفَصْلُ السَّابِعُ لِمَاذَا يُحَارَبُونَ]
َ؟ فَأَمَّا لِمَاذَا يُحَارَبُونَ فَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْمُحَارَبَةِ لِأَهْلِ الْكِتَابِ، مَا عَدَا أَهْلَ الْكِتَابِ مِنْ قُرَيْشٍ، وَنَصَارَى الْعَرَبِ - هُوَ أَحَدُ أَمْرَيْنِ: إِمَّا الدُّخُولُ فِي الْإِسْلَامِ، وَإِمَّا إِعْطَاءُ الْجِزْيَةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] .
وَكَذَلِكَ اتَّفَقَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَخْذِهَا مِنَ الْمَجُوسِ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ» . وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَى أَهْلِ الْكِتَابِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ هَلْ تُقْبَلُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ؟ أَمْ لَا؟ فَقَالَ قَوْمٌ: تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ كُلِّ مُشْرِكٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ. وَقَوْمٌ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ مُشْرِكِي الْعَرَبِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَجَمَاعَةٌ: لَا تُؤْخَذُ إِلَّا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمَجُوسِ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ الْعُمُومِ لِلْخُصُوصِ؛ أَمَّا الْعُمُومُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: 39] . وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» .
وَأَمَّا الْخُصُوصُ فَقَوْلُهُ لِأُمَرَاءِ السَّرَايَا الَّذِينَ كَانَ يَبْعَثُهُمْ إِلَى مُشْرِكِي الْعَرَبِ - وَمَعْلُومٌ أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ كِتَابٍ -: «فَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكُ فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ، فَذَكَرَ الْجِزْيَةَ فِيهَا» ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ.
فَمَنْ رَأَى أَنَّ الْعُمُومَ إِذَا تَأَخَّرَ عَنِ الْخُصُوصِ فَهُوَ نَاسِخٌ لَهُ قَالَ: لَا تُقْبَلُ الْجِزْيَةُ مِنْ مُشْرِكٍ مَا عَدَا أَهْلَ الْكِتَابِ ; لِأَنَّ الْآيَ الْآمِرَةَ بِقِتَالِهِمْ عَلَى الْعُمُومِ هِيَ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ ذَلِكَ الْحَدِيثِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمْرَ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ عَامَّةً هُوَ فِي سُورَةِ " بَرَاءَةٌ "، ذَلِكَ عَامَ الْفَتْحِ. وَذَلِكَ الْحَدِيثُ إِنَّمَا هُوَ قَبْلَ الْفَتْحِ، بِدَلِيلِ دُعَائِهِمْ فِيهِ لِلْهِجْرَةِ.
وَمَنْ رَأَى أَنَّ الْعُمُومَ يُبْنَى عَلَى الْخُصُوصِ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ، أَوْ جَهِلَ التَّقَدُّمَ وَالتَّأَخُّرَ بَيْنَهُمَا - قَالَ: تُقْبَلُ الْجِزْيَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمُشْرِكِينَ.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست