responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 146
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي أَمَانِ الْمَرْأَةِ فَسَبَبُهُ اخْتِلَافُهُمْ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» . وَقِيَاسُ الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ عَلَى الرَّجُلِ. وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» إِجَازَةَ أَمَانِهَا لَا صِحَّتَهُ فِي نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ لَوْلَا إِجَازَتُهُ لِذَلِكَ لَمْ يُؤَثِّرْ - قَالَ: لَا أَمَانَ لِلْمَرْأَةِ إِلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الْإِمَامُ.
وَمَنْ فَهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ إِمْضَاءَهُ أَمَانَهَا كَانَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ قَدِ انْعَقَدَ وَأُثِرَ، لَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ إِجَازَتَهُ هِيَ الَّتِي صَحَّحَتْ عَقْدَهُ - قَالَ: أَمَانُ الْمَرْأَةِ جَائِزٌ. وَكَذَلِكَ مَنْ قَاسَهَا عَلَى الرَّجُلِ، وَلَمْ يَرَ بَيْنَهُمَا فَرْقًا فِي ذَلِكَ - أَجَازَ أَمَانَهَا، وَمَنْ رَأَى أَنَّهَا نَاقِصَةٌ عَنِ الرَّجُلِ لَمْ يُجِزْ أَمَانَهَا.
وَكَيْفَمَا كَانَ فَالْأَمَانُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الِاسْتِعْبَادِ، وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْقَتْلِ. وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ نُدْخِلَ الِاخْتِلَافَ فِي هَذَا مِنْ قِبَلِ اخْتِلَافِهِمْ فِي أَلْفَاظِ جُمُوعِ الْمُذَكَّرِ هَلْ تَتَنَاوَلُ النِّسَاءَ؟ أَمْ لَا؟ أَعْنِي: بِحَسَبِ الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ.
وَأَمَّا النِّكَايَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي النُّفُوسِ فَهِيَ الْقَتْلُ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْحَرْبِ قَتْلُ الْمُشْرِكِينَ الذُّكْرَانَ الْبَالِغِينَ الْمُقَاتِلِينَ. وَأَمَّا الْقَتْلُ بَعْدَ الْأَسْرِ فَفِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرْنَا.
وَكَذَلِكَ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُ صِبْيَانِهِمْ وَلَا قَتْلُ نِسَائِهِمْ مَا لَمْ تُقَاتِلِ الْمَرْأَةُ وَالصَّبِيُّ، فَإِذَا قَاتَلَتِ الْمَرْأَةُ اسْتُبِيحَ دَمُهَا، وَذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ " أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ» ، وَقَالَ فِي امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ: «مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ» .
وَاخْتَلَفُوا فِي أَهْلِ الصَّوَامِعِ الْمُنْتَزِعِينَ عَنِ النَّاسِ، وَالْعُمْيَانِ وَالزَّمْنَى وَالشُّيُوخِ الَّذِينَ لَا يُقَاتِلُونَ، وَالْمَعْتُوهِ وَالْحَرَّاثِ وَالْعَسِيفِ؛ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يُقْتَلُ الْأَعْمَى وَلَا الْمَعْتُوهُ وَلَا أَصْحَابُ الصَّوَامِعِ، وَيُتْرَكُ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ بِقَدْرِ مَا يَعِيشُونَ بِهِ. وَكَذَلِكَ لَا يُقْتَلُ الشَّيْخُ الْفَانِي عِنْدَهُ. وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا تُقْتَلُ الشُّيُوخُ فَقَطْ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا تُقْتَلُ الْحُرَّاثُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأَصَحِّ عَنْهُ: تُقْتَلُ جَمِيعُ هَذِهِ الْأَصْنَافِ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ بَعْضِ الْآثَارِ بِخُصُوصِهَا لِعُمُومِ الْكِتَابِ، وَلِعُمُومِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - الثَّابِتُ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ اللَّهُ» الْحَدِيثَ، وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5]

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست