responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 131
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَخَذَ بَعْضَ أَظْفَارِهِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ: إِنْ أَخَذَ وَاحِدًا أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا، وَإِنْ أَخَذَ ظُفْرَيْنِ أَطْعَمَ مِسْكِينَيْنِ، وَإِنْ أَخَذَ ثَلَاثًا فَعَلَيْهِ دَمٌ فِي مَقَامٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُصَّهَا كُلَّهَا. وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ: يَقُصُّ الْمُحْرِمُ أَظْفَارَهُ وَشَارِبَهُ. وَهُوَ شُذُوذٌ، وَعِنْدَهُ أَنْ لَا فِدْيَةَ إِلَّا مِنْ حَلْقِ الرَّأْسِ فَقَطْ لِلْعُذْرِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ.
وَأَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ حَلْقِ الرَّأْسِ، وَاخْتَلَفُوا فِي حَلْقِ الشَّعْرِ مِنْ سَائِرِ الْجَسَدِ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ فِيهِ الْفِدْيَةَ. وَقَالَ دَاوُدُ: لَا فِدْيَةَ فِيهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَتَفَ مَنْ رَأَسَهُ الشَّعْرَةَ وَالشَّعْرَتَيْنِ أَوْ مِنْ لَحْمِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى مَنْ نَتَفَ الشِّعْرَ الْيَسِيرَ شَيْءٌ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَمَاطَ بِهِ أَذًى فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: فِي الشَّعْرَةِ مُدٌّ، وَفِي الشَّعْرَتَيْنِ مُدَّانِ، وَفِي الثَّلَاثَةِ دَمٌ. وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ صَاحِبُ مَالِكٍ: فِيمَا قَلَّ مِنَ الشَّعْرِ إِطْعَامٌ، وَفِيمَا كَثُرَ فِدْيَةٌ.
فَمَنْ فَهِمَ مِنْ مَنْعِ الْمُحْرِمِ حَلْقَ الشَّعْرِ أَنَّهُ عِبَادَةٌ سَوَّى بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَمَنْ فَهِمَ مِنْ ذَلِكَ مَنْعَ النَّظَافَةِ وَالزَّيْنِ وَالِاسْتِرَاحَةِ الَّتِي فِي حَلْقِهِ فَرَّقَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ ; لِأَنَّ الْقَلِيلَ لَيْسَ فِي إِزَالَتِهِ زَوَالُ أَذًى.
أَمَّا مَوْضِعُ الْفِدْيَةِ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا شَاءَ أَيْنَ شَاءَ، بِمَكَّةَ وَبِغَيْرِهَا، وَإِنْ شَاءَ بِبَلَدِهِ. وَسَوَاءٌ عِنْدَهُ فِي ذَلِكَ ذَبْحُ النُّسُكِ وَالْإِطْعَامُ وَالصِّيَامُ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ. وَالَّذِي عِنْدَ مَالِكٍ هَا هُنَا هُوَ نُسُكٌ وَلَيْسَ بِهَدْيٍ ; فَإِنَّ الْهَدْيَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِمَكَّةَ أَوْ بِمِنًى.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: الدَّمُ وَالْإِطْعَامُ لَا يُجْزِيَانِ إِلَّا بِمَكَّةَ، وَالصَّوْمُ حَيْثُ شَاءَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا كَانَ مِنْ دَمِهِ فَبِمَكَّةَ، وَمَا كَانَ مِنْ إِطْعَامٍ وَصِيَامٍ فَحَيْثُ شَاءَ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلُهُ. وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ دَمَ الْإِطْعَامِ لَا يُجْزِئُ إِلَّا لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ اسْتِعْمَالُ قِيَاسِ دَمِ النُّسُكِ عَلَى الْهَدْيِ؛ فَمَنْ قَاسَهُ عَلَى الْهَدْيِ أَوْجَبَ فِيهِ شُرُوطَ الْهَدْيِ مِنَ الذَّبْحِ فِي الْمَكَانِ الْمَخْصُوصِ بِهِ، وَفِي مَسَاكِينِ الْحَرَمِ. وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّ الْهَدْيَ يَجُوزُ إِطْعَامُهُ لِغَيْرِ مَسَاكِينِ الْحَرَمِ. وَالَّذِي يَجْمَعُ النُّسُكَ وَالْهَدْيَ هُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِمَا مَنْفَعَةُ الْمَسَاكِينِ الْمُجَاوِرِينَ لِبَيْتِ اللَّهِ. وَالْمُخَالِفُ يَقُولُ: إِنَّ الشَّرْعَ لَمَّا فَرَّقَ بَيْنَ اسْمِهِمَا؛ فَسَمَّى أَحَدَهُمَا نُسُكًا، وَسَمَّى الْآخَرَ هَدْيًا - وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُمَا مُخْتَلِفًا.
وَأَمَّا الْوَقْتُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْكَفَّارَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ إِمَاطَةِ الْأَذَى، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَدْخُلَهُ الْخِلَافُ قِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ. فَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ فِي كَفَّارَةِ إِمَاطَةِ الْأَذَى.
وَاخْتَلَفُوا فِي حَلْقِ الرَّأْسِ هَلْ هُوَ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ؟ أَوْ هُوَ مِمَّا يُتَحَلَّلُ بِهِ مِنْهُ؟ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْجُمْهُورِ فِي أَنَّهُ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ، وَأَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ مِنَ التَّقْصِيرِ؛ لِمَا ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اللَّهُمَّ، ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ! قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ، ارْحَمِ الْمُحَلِّقِينَ!

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 131
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست