responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 129
فِي الْحَدِيثِ الثَّابِتِ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: «خَمْسٌ يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ، فَذَكَرَ فِيهِنَّ الْغُرَابَ الْأَبْقَعَ» . وَشَذَّ النَّخَعِيُّ فَمَنَعَ الْمُحْرِمَ قَتْلَ الصَّيْدِ إِلَّا الْفَأْرَةَ.
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِيمَا هُوَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ مِمَّا لَيْسَ هُوَ مِنْهُ فَإِنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ السَّمَكَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَا السَّمَكَ، وَذَلِكَ بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُ يَحْتَاجُ إِلَى ذَكَاةٍ فَلَيْسَ مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ، وَأَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ مُحْرِمًا. وَلَا خِلَافَ بَيْنَ مَنْ يُحِلُّ جَمِيعَ مَا فِي الْبَحْرِ فِي أَنَّ صَيْدَهُ حَلَالٌ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ هَؤُلَاءِ فِيمَا كَانَ مِنَ الْحَيَوَانِ يَعِيشُ فِي الْبِرِّ وَفِي الْمَاءِ بِأَيِّ الْحُكْمَيْنِ يُلْحَقُ؟ وَقِيَاسُ قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالَّذِي عَيْشُهُ فِيهِ غَالِبًا، وَهُوَ حَيْثُ يُولَدُ.
وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ طَيْرَ الْمَاءِ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ حَيَوَانِ الْبَرِّ. وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ فِي طَيْرِ الْمَاءِ: حَيْثُ يَكُونُ أَغْلَبُ عَيْشِهِ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِهِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي نَبَاتِ الْحَرَمِ هَلْ فِيهِ جَزَاءٌ؟ أَمْ لَا؟ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا جَزَاءَ فِيهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ الْإِثْمُ فَقَطْ؛ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِيهِ الْجَزَاءُ، فِي الدَّوْحَةِ بَقَرَةٌ، وَفِيمَا دُونَهَا شَاةٌ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: كُلُّ مَا كَانَ مِنْ غَرْسِ الْإِنْسَانِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَكُلُّ مَا كَانَ نَابِتًا بِطَبْعِهِ فَفِيهِ قِيمَةٌ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ: هَلْ يُقَاسُ النَّبَاتُ فِي هَذَا عَلَى الْحَيَوَانِ؛ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا» .
فَهَذَا هُوَ الْقَوْلُ فِي مَشْهُورِ مَسَائِلِ هَذَا الْجِنْسِ، فَلْنَقُلْ فِي حُكْمِ الْحَالِقِ رَأْسَهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْحَلْقِ.

[الْقَوْلُ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى وَحُكْمُ الْحَالِقِ رَأْسَهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْحَلْقِ]
ِ وَأَمَّا فِدْيَةُ الْأَذَى فَمُجْمَعٌ أَيْضًا عَلَيْهَا؛ لِوُرُودِ الْكِتَابِ بِذَلِكَ وَالسُّنَّةِ؛ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] . وَأَمَّا السُّنَّةُ فَحَدِيثُ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ الثَّابِتُ «أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُحْرِمًا، فَآذَاهُ الْقَمْلُ فِي رَأْسِهِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَحْلِقَ رَأْسَهُ، وَقَالَ: صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ مُدَّيْنِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ. أَيَّ ذَلِكَ فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ» .
وَالْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَنْ تَجِبُ الْفِدْيَةُ، وَعَلَى مَنْ لَا تَجِبُ. وَإِذَا وَجَبَتْ فَمَا هِيَ الْفِدْيَةُ الْوَاجِبَةُ؟ وَفِي أَيِّ شَيْءٍ تَجِبُ الْفِدْيَةُ؟ وَلِمَنْ تَجِبُ، وَمَتَى تَجِبُ، وَأَيْنَ تَجِبُ؟
فَأَمَّا عَلَى مَنْ تَجِبُ الْفِدْيَةُ فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ أَمَاطَ الْأَذَى مِنْ ضَرُورَةٍ لِوُرُودِ النَّصِّ بِذَلِكَ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَمَاطَهُ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ - فَقَالَ مَالِكٌ: عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهَا.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 2  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست