responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 93
أَبِي حَنِيفَةَ، وَكَذَلِكَ الْفَرْكُ عَلَى قِيَاسِ مَنْ يَرَى أَنَّ كُلَّ مَا أَزَالَ الْعَيْنَ فَقَدْ طَهَّرَ، وَقَوْمٌ لَمْ يُجِيزُوهُ إِلَّا فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَخْرَجُ، وَفِي ذَيْلِ الْمَرْأَةِ وَفِي الْخُفِّ، وَذَلِكَ مِنَ الْعُشْبِ الْيَابِسِ لَا مِنَ الْأَذَى غَيْرِ الْيَابِسِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يُعَدُّوا الْمَسْحَ إِلَى غَيْرِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي جَاءَتْ فِي الشَّرْعِ، وَأَمَّا الْفَرِيقُ الْآخَرُ فَإِنَّهُمْ عَدَّوْهُ.
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ مَا وَرَدَ مِنْ ذَلِكَ رُخْصَةٌ أَوْ حُكْمٌ؟ فَمَنْ قَالَ: رُخْصَةٌ لَمْ يُعَدِّهَا إِلَى غَيْرِهَا: أَعْنِي: لَمْ يَقِسْ عَلَيْهَا، وَمَنْ قَالَ هُوَ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ كَحُكْمِ الْغَسْلِ عَدَّاهُ.
وَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِي الْعَدَدِ: فَإِنَّ قَوْمًا اشْتَرَطُوا الْإِنْقَاءَ فَقَطْ فِي الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ، وَقَوْمٌ اشْتَرَطُوا الْعَدَدَ فِي الِاسْتِجْمَارِ وَفِي الْغَسْلِ، وَالَّذِينَ اشْتَرَطُوهُ فِي الْغَسْلِ مِنْهُمْ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَحَلِّ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الْعَدَدُ فِي الْغَسْلِ بِطَرِيقِ السَّمْعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّاهُ إِلَى سَائِرِ النَّجَاسَاتِ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الْعَدَدَ لَا فِي غَسْلٍ وَلَا فِي مَسْحٍ فَمِنْهُمْ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ.
وَأَمَّا مَنِ اشْتَرَطَ فِي الِاسْتِجْمَارِ الْعَدَدَ: أَعْنِي ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ لَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ، فَمِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ، وَأَمَّا مَنِ اشْتَرَطَ الْعَدَدَ فِي الْغَسْلِ وَاقْتَصَرَ بِهِ عَلَى مَحَلِّهِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ وَهُوَ غَسْلُ الْإِنَاءِ سَبْعًا مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ، فَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ. وَأَمَّا مَنْ عَدَّاهُ وَاشْتَرَطَ السَّبْعَ فِي غَسْلِ النَّجَاسَاتِ فَفِي أَغْلَبِ ظَنِّي أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ مِنْهُمْ.
وَأَبُو حَنِيفَةَ يَشْتَرِطُ الثَّلَاثَةَ فِي إِزَالَةِ النَّجَاسَاتِ الْغَيْرِ مَحْسُوسَةِ الْعَيْنِ أَعْنِي الْحُكْمِيَّةَ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي هَذَا تَعَارُضُ الْمَفْهُومِ مِنْ هَذِهِ الْعِبَادَةِ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا الْعَدَدُ، وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَ الْمَفْهُومُ عِنْدَهُ مِنَ الْأَمْرِ بِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ إِزَالَةَ عَيْنِهَا لَمْ يَشْتَرِطِ الْعَدَدَ أَصْلًا، وَجَعَلَ الْعَدَدَ الْوَارِدَ مِنْ ذَلِكَ فِي الِاسْتِجْمَارِ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ الثَّابِتِ الَّذِي فِيهِ الْأَمْرُ أَلَّا يَسْتَنْجِيَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْبَابِ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَفْهُومِ مِنَ الشَّرْعِ وَالْمَسْمُوعِ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَجَعَلَ الْعَدَدَ الْمُشْتَرَطَ فِي غَسْلِ الْإِنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ عِبَادَةً لَا لِنَجَاسَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ.
وَأَمَّا مَنْ صَارَ إِلَى ظَوَاهِرِ هَذِهِ الْآثَارِ وَاسْتَثْنَاهَا مِنَ الْمَفْهُومِ فَاقْتَصَرَ بِالْعَدَدِ عَلَى هَذِهِ الْمَحَالِّ الَّتِي وَرَدَ الْعَدَدُ فِيهَا، وَأَمَّا مَنْ رَجَّحَ الظَّاهِرَ عَلَى الْمَفْهُومِ فَإِنَّهُ عَدَّى ذَلِكَ إِلَى سَائِرِ النَّجَاسَاتِ.
وَأَمَّا حُجَّةُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الثَّلَاثَةِ فَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهَا فِي إِنَائِهِ» .

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 93
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست