responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 30
وَهُمْ مَحْجُوجُونَ بِتَنَاوُلِ اسْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ لَهُ، وَبِالْأَثَرِ الَّذِي خَرَّجَهُ مَالِكٌ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مِيتَتُهُ» وَهُوَ وَإِنْ كَانَ حَدِيثًا مُخْتَلَفًا فِي صِحَّتِهِ، فَظَاهِرُ الشَّرْعِ يُعَضِّدُهُ، وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ مِمَّا لَا يَنْفَكُّ عَنْهُ غَالِبًا أَنَّهُ لَا يَسْلُبُهُ صِفَةَ الطَّهَارَةِ وَالتَّطْهِيرِ إِلَّا خِلَافًا شَاذًّا رُوِيَ فِي الْمَاءِ الْآجِنِ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَهُوَ أَيْضًا مَحْجُوجٌ بِتَنَاوُلِ اسْمِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ لَهُ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي غَيَّرَتِ النَّجَاسَةُ إِمَّا طَعْمَهُ أَوْ لَوْنَهُ أَوْ رِيحَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍة مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِهِ الْوُضُوءُ وَلَا الطُّهُورُ.
وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْكَثِيرَ الْمُسْتَبْحِرَ لَا تَضُرُّهُ النَّجَاسَةُ الَّتِي لَمْ تُغَيِّرْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ وَأَنَّهُ طَاهِرٌ، فَهَذَا مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ.
وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي سِتِّ مَسَائِلَ تَجْرِي مَجْرَى الْقَوَاعِدِ وَالْأُصُولِ لِهَذَا الْبَابِ.
الْمَسْأَلَةُ الأُولَى اخْتَلَفُوا فِي الْمَاءِ إِذَا خَالَطَتْهُ نَجَاسَةٌ وَلَمْ تُغَيِّرْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ، فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ طَاهِرٌ سَوَاءٌ أَكَانَ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَهِيَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ عَنْ مَالِكٍ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ، وَقَالَ قَوْمٌ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَقَالُوا: إِنْ كَانَ قَلِيلًا كَانَ نَجِسًا، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَكُنْ نَجِسًا.
وَهَؤُلَاءِ اخْتَلَفُوا فِي الْحَدِّ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّ الْحَدَّ فِي هَذَا هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ مِنَ الْكَثْرَةِ بِحَيْثُ إِذَا حَرَّكَهُ آدَمِيٌّ مِنْ أَحَدِ طَرَفَيْهِ لَمْ تَسْرِ الْحَرَكَةُ إِلَى الطَّرَفِ الثَّانِي مِنْهُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ إِلَى أَنَّ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ هُوَ قُلَّتَانِ مِنْ قلال هَجَرَ، وَذَلِكَ نَحْوُ خَمْسِمِائَةِ رِطْلٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَحُدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا، وَلَكِنْ قَالَ: إِنَّ النَّجَاسَةَ تُفْسِدُ قَلِيلَ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ أَحَدَ أَوْصَافِهِ، وَهَذَا أَيْضًا مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ، وَقَدْ رُوِيَ أَيْضًا أَنَّ هَذَا الْمَاءَ مَكْرُوهٌ. فَيَتَحَصَّلُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَاءِ الْيَسِيرِ تَحُلُّهُ النَّجَاسَةُ الْيَسِيرَةُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلٌ إِنَّ النَّجَاسَةَ تُفْسِدُهُ، وَقَوْلٌ إِنَّهَا لَا تُفْسِدُهُ إِلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ، وَقَوْلٌ إِنَّهُ مَكْرُوهٌ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ هُوَ تَعَارُضُ ظَوَاهِرِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَقَدِّمَ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ» الْحَدِيثَ، يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِهِ أَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ يُنَجِّسُ قَلِيلَ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الثَّابِتُ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ» فَإِنَّهُ يُوهِمُ بِظَاهِرِهِ أَيْضًا أَنَّ قَلِيلَ النَّجَاسَةِ يُنَجِّسُ قَلِيلَ الْمَاءِ.
وَكَذَلِكَ لِمَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست