responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 251
قِيَامَهُ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الْأَوْضَاعِ أَنَّهُ شَرْعٌ وَأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى التَّحْدِيدِ، وَهَؤُلَاءِ انْقَسَمُوا قِسْمَيْنِ: فَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَ بِحَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى صِحَّتِهِ فَقَالَ: الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ سَوَاءٌ، لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِي ذَلِكَ فَارِقٌ شَرْعِيٌّ; وَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَ حَدِيثَ ابْنِ غَالِبٍ وَقَالَ: فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، فَيَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهَا، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ أَصْلًا.
وَأَمَّا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَبِي حَنِيفَةَ فَلَا أَعْلَمُ لَهُ مِنْ جِهَةِ السَّمْعِ فِي ذَلِكَ مُسْنَدًا إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ وَاخْتَلَفُوا فِي تَرْتِيبِ جَنَائِزِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ إِذَا اجْتَمَعُوا عِنْدَ الصَّلَاةِ: فَقَالَ الْأَكْثَرُ: يُجْعَلُ الرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَالنِّسَاءُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ. وَقَالَ قَوْمٌ بِخِلَافِ هَذَا (أَيِ النِّسَاءُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَالرِّجَالُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ) وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: أَنَّهُ يُصَلَّى على كُلٍّ عَلَى حِدَةٍ، الرِّجَالُ مُفْرِدُونَ، وَالنِّسَاءُ مُفْرِدَاتٌ.
وَسَبَبُ الْخِلَافِ: مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بِاعْتِبَارِ أَحْوَالِ الشَّرْعِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ شَرْعٌ مَحْدُودٌ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي ذَلِكَ شَرْعٌ يَجِبُ الْوُقُوفُ عِنْدَهُ، وَلِذَلِكَ رَأَى كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ أَنَّهُ لَيْسَ فِي أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ شَرْعٌ أَصْلًا، وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا شَرْعٌ لَبُيِّنَ لِلنَّاسِ.
وَإِنَّمَا ذَهَبَ الْأَكْثَرُ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ تَقْدِيمِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ لِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأ مِنْ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمَدِينَةِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مَعًا، فَيَجْعَلُونَ الرِّجَالَ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ، وَيَجْعَلُونَ النِّسَاءَ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ. وَذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ صَلَّى كَذَلِكَ عَلَى جَنَازَةٍ فِيهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَأَبُو قَتَادَةَ، وَالْإِمَامُ يَوْمَئِذٍ سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ، فَسَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ، أَوْ أَمَرَ مَنْ سَأَلَهُمْ فَقَالُوا: هِيَ السُّنَّةُ، وَهَذَا يَدْخُلُ فِي الْمُسْنَدِ عِنْدَهُمْ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ الرِّجَالِ شَبَّهَهُمْ أَمَامَ الْإِمَامِ بِحَالِهِمْ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَخِّرُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُنَّ اللَّهُ» .
وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِتَقْدِيمِ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ اعْتَقَدَ أَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُتقَدَّمُ، وَلَمْ يَجْعَلِ التَّقْدِيمَ بِالْقُرْبِ مِنَ الْإِمَامِ.
وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ فَاحْتِيَاطًا مِنْ أَنْ لَا يُجَوِّزَ مَمْنُوعًا، لِأَنَّهُ لَمْ تَرِدْ سُنَّةٌ بِجَوَازِ الْجَمْعِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا بِالشَّرْعِ، وَإِذَا وُجِدَ الِاحْتِمَالُ وَجَبَ التَّوَقُّفُ إِذَا وَجَدَ إِلَيْهِ سَبِيلًا.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 251
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست