responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 181
عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَانَتِ الْإِقَامَةُ مُدَّةً لَا يَرْتَفِعُ فِيهَا عَنْهُ اسْمُ السَّفَرِ بِحَسْبِ رَأْيِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَعَاقَهُ عَائِقٌ عَنِ السَّفَرِ أَنَّهُ يَقْصُرُ أَبَدًا، وَإِنْ أَقَامَ مَا شَاءَ اللَّهُ.
وَمَنْ رَاعَى الزَّمَانَ الْأَقَلَّ مِنْ مَقَامِهِ تَأَوَّلَ مَقَامَهُ فِي الزَّمَانِ الْأَكْثَرِ مِمَّا ادَّعَاهُ خَصْمُهُ عَلَى هَذِهِ الْجِهَةِ ; فَقَالَتِ الْمَالِكِيَّةُ مَثَلًا إِنَّ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا الَّتِي أَقَامَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: - عَامَ الْفَتْحِ إِنَّمَا أَقَامَهَا، وَهُوَ أَبَدًا يَنْوِي أَنَّهُ لَا يُقِيمُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، وَهَذَا بِعَيْنِهِ يَلْزَمُهُمْ فِي الزَّمَانِ الَّذِي حَدُّوهُ، وَالْأَشْبَهُ فِي الْمُجْتَهِدِ فِي هَذَا أَنْ يَسْلُكَ أَحَدَ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَجْعَلَ الْحُكْمَ لِأَكْثَرِ الزَّمَانِ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّهُ أَقَامَ فِيهِ مُقْصِرًا» ، وَيَجْعَلَ ذَلِكَ حَدًّا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْإِتْمَامُ، فَوَجَبَ أَلَّا يُزَادَ عَلَى هَذَا الزَّمَانِ إِلَّا بِدَلِيلٍ، أَوْ يَقُولَ إِنَّ الْأَصْلَ فِي هَذَا هُوَ أَقَلُّ الزَّمَانِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، وَمَا وَرَدَ مِنْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَقَامَ مُقْصِرًا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ» ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَقَامَهُ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لِلْمُسَافِرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَقَامَهُ بِنِيَّةِ الزَّمَانِ الَّذِي تَجُوزُ إِقَامَتُهُ فِيهِ مُقْصِرًا بِاتِّفَاقٍ، فَعَرَضَ لَهُ أَنْ أقَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ الِاحْتِمَالُ وَجَبَ الْتَمَسُّكُ بِالْأَصْلِ، وَأَقَلُّ مَا قِيلَ فِي ذَلِكَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَقْصُرُ أَبَدًا إِلَّا أَنْ يَقْدَمَ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ اسْمَ السَّفَرِ وَاقِعٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْدَمَ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ، فَهَذِهِ أُمَّهَاتُ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالْقَصْرِ.

[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْجَمْعِ]
الْفَصْلُ الثَّانِي
فِي الْجَمْعِ وَأَمَّا الْجَمْعُ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ: إِحْدَاهَا: جَوَازُهُ. وَالثَّانِيَةُ: فِي صِفَةِ الْجَمْعِ. وَالثَّالِثَةُ: فِي مُبِيحَاتِ الْجَمْعِ.
أَمَّا جَوَازُهُ فَإِنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الظُّهْرِ، وَالْعَصْرِ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ بِعَرَفَةَ سُنَّةٌ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَيْضًا فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ سُنَّةٌ أَيْضًا. وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَمْعِ فِي غَيْرِ هَذَيْنِ الْمَكَانَيْنِ، فَأَجَازَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا مِنَ الَّتِي لَا يَجُوزُ، وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ بِإِطْلَاقٍ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: أَوَّلًا: اخْتِلَافُهُمْ فِي تَأْوِيلِ الْآثَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِي الْجَمْعِ وَالِاسْتِدْلَالِ مِنْهَا عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ ; لِأَنَّهَا كُلَّهَا أَفْعَالٌ وَلَيْسَتْ أَقْوَالًا، وَالْأَفْعَالُ يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا الِاحْتِمَالُ كَثِيرًا أَكْثَرَ مِنْ تَطَرُّقِهِ إِلَى اللَّفْظِ.
ثَانِيًا: اخْتِلَافُهُمْ أَيْضًا فِي تَصْحِيحِ بَعْضِهَا، وَثَالِثًا اخْتِلَافُهُمْ فِي إِجَازَةِ الْقِيَاسِ فِي ذَلِكَ فَهِيَ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ كَمَا تَرَى.

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 181
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست