responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 105
وَأَمَّا أَهْلُ الظَّاهِرِ فَاعْتَمَدُوا حَدِيثَ أَبِي قَتَادَةَ، وَقَالُوا: هُوَ عَامٌّ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ حَدِيثِ إِمَامَةِ جِبْرِيلَ، فَهُوَ نَاسِخٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ نَاسِخًا لَكَانَ تَعَارُضُ الْآثَارِ يُسْقِطُ حُكْمَهَا، فَيَجِبُ أَنْ يُصَارَ إِلَى اسْتِصْحَابِ حَالِ الْإِجْمَاعِ، وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْوَقْتَ يَخْرُجُ لِمَا بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا قَبْلُ، فَإِنَّا رُوِّينَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْوَقْتَ عِنْدَهُ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَوَجَبَ أَنْ يُسْتَصْحَبَ حُكْمُ الْوَقْتِ، إِلَّا حَيْثُ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى خُرُوجِهِ، وَأَحْسَبُ أَنَّ بِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.

الْمَسْأَلَةُ الخَامِسَةُ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَوَّلَ وَقْتِ الصُّبْحِ طُلُوعُ الْفَجْرِ الصَّادِقِ وَآخِرَهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا الْإِسْفَارُ.
وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ، فَذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَأَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ إِلَى أَنَّ الْإِسْفَارَ بِهَا أَفْضَلُ، وَذَهَبَ مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَصْحَابُهُ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ إِلَى أَنَّ التَّغْلِيسَ بِهَا أَفْضَلُ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: اخْتِلَافُهُمْ فِي طَرِيقَةِ جَمْعِ الْأَحَادِيثِ الْمُخْتَلِفَةِ الظَّوَاهِرِ فِي ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ طَرِيقِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَسْفِرُوا بِالصُّبْحِ، فَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ، فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» ، وَرُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ وَقَدْ سُئِلَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ مِيقَاتِهَا» وَثَبَتَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَتَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنَ الْغَلَسِ» .
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّهُ عَمَلَهُ فِي الْأَغْلَبِ، فَمَنْ قَالَ: إِنَّ حَدِيثَ رَافِعٍ خَاصٌّ وَقَوْلَهُ «الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ مِيقَاتِهَا» عَامٌّ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْخَاصَّ يَقْضِي عَلَى الْعَامِّ إِذَا هُوَ اسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الْعُمُومِ صَلَاةَ الصُّبْحِ، وَجَعَلَ حَدِيثَ عَائِشَةَ مَحْمُولًا عَلَى الْجَوَازِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا تَضَمَّنَ الْإِخْبَارَ بِوُقُوعِ ذَلِكَ مِنْهُ لَا بِأَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ غَالِبَ أَحْوَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْإِسْفَارُ أَفْضَلُ مِنَ التَّغْلِيسِ» .
وَمَنْ رَجَّحَ حَدِيثَ الْعُمُومِ لِمُوَافَقَةِ حَدِيثِ عَائِشَةَ لَهُ، وَلِأَنَّهُ نَصٌّ فِي ذَلِكَ أَوْ ظَاهِرٌ، وَحَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مُحْتَمِلٌ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ تَبَيُّنَ الْفَجْرِ، وَتَحَقُّقَهُ، فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَلَا الْعُمُومِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ تَعَارُضٌ - قَالَ: أَفْضَلُ الْوَقْتِ أَوَّلُهُ.
وَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ آخِرَ وَقْتِهَا الْإِسْفَارُ فَإِنَّهُ تَأَوَّلَ الْحَدِيثَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لِأَهْلِ الضَّرُورَاتِ (أَعْنِي قَوْلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ

نام کتاب : بداية المجتهد ونهاية المقتصد نویسنده : ابن رشد الحفيد    جلد : 1  صفحه : 105
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست