responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 57
الْعِلْمَ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ قَبِلَ الْمَوْعِظَةَ لِنُصْحِهِ بِتَعْظِيمِهِ مَا عَظَّمَ اللَّهُ، الْقَلْبُ الْحَيُّ تَكْفِيهِ غَمْزَةٌ فَيَنْتَبِهُ، وَالْقَلْبُ الْمَيِّتُ لَوْ قُرِضَ بِالْمَقَارِيضِ لَمْ يَنْتَبِهْ، وَلَمْ يَحْيَى، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ، وَجَلَّ يَقُولُ {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} [الأنعام: 122] ، وَذَلِكَ لِمَنْ قَبِلَ، وَأَجَابَ الدَّاعِيَ، وَمَنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَوْعِظَةَ، وَلَمْ يُجِبْ الدَّاعِيَ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ عَزَّ، وَجَلَّ {أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ} [النحل: 21] ، وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَيِّتٌ فَقَدْ حَيِيَ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ مَيِّتٌ، وَلَا يَنْفَعُهُ الْعِلْمُ إلَّا بِالْقَبُولِ، وَإِيثَارِ الرَّبِّ عَلَى هَوَاهُ فَمَنْ كَانَ مُقِرًّا بِأَنَّهُ عَاصٍ، وَلَيْسَ يَتَحَوَّلُ، وَلَيْسَ مَعَهُ الرَّوْعُ، وَالْغَمُّ الشَّدِيدُ، وَهُوَ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي لَيْسَ يَرْضَاهَا، وَلَا يُبَادِرُ بِالتَّوْبَةِ، وَالتَّطْهِيرِ فَهُوَ مَيِّتٌ، وَلَا يَنْفَعُهُ عِلْمُهُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَحْيَا بِالتَّوْبَةِ، وَيَرْجِعُ إلَى الرَّغْبَةِ، وَالرَّهْبَةِ، وَالطَّاعَةِ.
وَمَنْ أَرَادَهُ اللَّهُ وَفَّقَهُ، وَنَبَّهَهُ مِنْ الزَّلَّةِ، وَأَيْقَظَهُ مِنْ الْغَفْلَةِ، وَإِنَّمَا هَذِهِ كُلُّهَا مَوَارِيثُ حُبِّ الدُّنْيَا، وَاتِّبَاعُ الْهَوَى، وَطُولُ الْأَمَلِ.
وَيَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ يَبْتَغِي لِنَفْسِهِ طَاعَةَ رَبِّهِ أَنْ يَرْجُوَ مَا ثَقُلَ عَلَيْهِ مِنْ الْبِرِّ، وَيَتَّهِمَ مَا خَفَّ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَلِيلَ الصِّدْقِ يُثْقِلُ خَفِيفَ الْعَمَلِ، وَالْكَذِبُ مِنْ النِّيَّةِ فِي الْعَمَلِ يُخَفِّفُ ثَقِيلَ الْعَمَلِ، وَقَلِيلُ الصِّدْقِ أَوْزَنُ، وَأَرْجَحُ مِنْ كَثِيرِ الْكَذِبِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ إرَادَتَك الْعَمَلَ عَمَلٌ فَانْظُرْ فِي إرَادَتِك حَتَّى يَصِحَّ لَك عَمَلُك، وَيَرَاك اللَّهُ لِنِيَّتِك طَالِبًا، وَلَهَا مُصَحِّحًا كَمَا يَرَاك فِي عَمَلِك مُخْلِصًا فَإِنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ.
وَاعْلَمْ أَنَّك إنْ ظَفِرْت بِتَصْحِيحِ النِّيَّةِ مَعَ قَلِيلِ الْعَمَلِ رَبِحْت عَمَلَك، وَظَفِرْت بِأَكْثَرَ مِنْ عَمَلِك، وَاعْلَمْ أَنَّ عَدُوَّك يَنْظُرُ إلَى ابْتِدَاءِ نِيَّتِك، وَابْتِدَاءِ عَمَلِك، وَقَدْ يَخْفَى عَلَيْك سَقَمُ نِيَّتِك كَمَا يَخْفَى عَلَيْك سَقَمُ غَيْرِك فَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ نِيَّتُك سَقِيمَةً فَقُمْ عَلَى تَصْحِيحِهَا فَإِنَّ الْعَمَلَ تَابِعٌ لِلنِّيَّةِ إنْ صَحَّتْ صَحَّ، وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْعَدُوَّ إذَا رَأَى فِي نِيَّتِك سَقَمًا رَغَّبَك فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَلَمْ يُثْقِلْهُ عَلَيْك بَلْ يُخَفِّفْهُ عَلَيْك مَخَافَةَ أَنْ يُقْنِطَك بِالسَّقَمِ، وَوَدَّ حِينَئِذٍ أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أَحَبُّوك فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَمَدَحُوك إذَا ظَفِرَ مِنْك بِسَقَمِ النِّيَّةِ، وَيَزِيدُك قُوَّةً، وَنَشَاطًا فِي عَمَلِك، وَيُحَسِّنُهُ عِنْدَك، وَفِي

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 57
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست