responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 39
فِي هَذِهِ الدَّرَجَاتِ، وَالِاقْتِدَاءِ بِالْمُرْسَلِينَ، وَالنَّبِيِّينَ، وَالصِّدِّيقِينَ فِي سَيْرِهِمْ فَلْيَرْفُضْ الدُّنْيَا مِنْ قَلْبِهِ حَتَّى لَا يَكُونَ فِيهِ مِنْهَا عَلَاقَةٌ تَشْغَلُهُ عَنْ رَبِّهِ فَإِنَّهُ مَنْ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِشَيْءٍ مِنْهَا شَغَلَهُ حَتَّى تَغْلِبَ عَلَيْهِ فَلْيَبْدَأْ بِرَفْضِ الدُّنْيَا، وَطَرْحِهَا مِنْ قَلْبِهِ حَتَّى لَا تَعْدِلَ عِنْدَهُ قَدْرَ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ فَإِنَّهَا عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، وَأَصْغَرَ

[فَصْلٌ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَعْرِفَةِ]
قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَوَّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ، وَيَتَنَاوَلُ مِنْ الدَّرَجَاتِ السَّبْعِ دَرَجَةَ الْمَعْرِفَةِ، وَهُوَ أَنْ يَعْرِفَ رَبَّهُ كَمَا يَنْبَغِي لَهُ مِنْ حَيْثُ تَعَرَّفَ إلَيْهِ رَبُّهُ فَقَدْ تَعَرَّفَ إلَى خَلْقِهِ بِخَلْقِهِ إيَّاهُمْ، وَتَدْبِيرِهِ فِيهِمْ، وَبِصِفَتِهِ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ لِمَنْ أَنَابَ إلَيْهِ، وَطَلَبَ رِضَاهُ، وَأَنَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ لِمَنْ كَذَّبَ بِهِ، وَكَذَبَ عَلَيْهِ، وَكَذَّبَ رُسُلَهُ، وَعَصَاهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ أَمْرَ الْمَعْرِفَةِ لَمْ يُدْرِكْ مَا سِوَاهَا مِنْ الْعِلْمِ، وَالْعَمَلِ، وَلَا مِنْ الدَّرَجَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَلَا تَكُنْ الْمَعْرِفَةُ حَتَّى تَثْبُتَ فِي الْقَلْبِ بِالْيَقِينِ الرَّاسِخِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتْ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ عَلَى قَدْرِ الْمَعْرِفَةِ فَإِنْ قَصَّرَ فِي الْمَعْرِفَةِ كَانَ فِي الْعَمَلِ أَشَدَّ تَقْصِيرًا، وَضَعْفًا لِنِيَّتِهِ، وَلَمْ يَجِدْ السَّبِيلَ إلَى بُلُوغِ تِلْكَ الدَّرَجَاتِ.
، وَمَنْ عَرَفَ اللَّهَ عَلِمَ أَنَّهُ قَائِمٌ عَلَى قَلْبِهِ بِمَا كَسَبَ، وَأَنَّهُ مَعَهُ يَرَاهُ، وَيَنْظُرُهُ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ رِضَاهُ، وَلِقَائِهِ، وَلَا أَبْغَضَ إلَيْهِ مِنْ مَعْصِيَتِهِ، وَبَقَائِهِ، وَإِنْ أَحَبَّ الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا لَمْ يُحِبَّهُ إلَّا لِلْعَمَلِ بِطَاعَتِهِ، وَلْيَنْظُرْ الْمُرِيدُ لِلْمَعْرِفَةِ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ، وَيَتَدَبَّرْهَا حَتَّى يَعْرِفَهُ بِهَا، وَيَدْخُلَ ذَلِكَ قَلْبَهُ فَإِنَّهُ يُوَرِّثُ قَلْبَهُ بِذَلِكَ الْعِلْمَ، وَهِيَ الدَّرَجَةُ الثَّانِيَةُ.
فَإِذَا كَانَ عَالِمًا بِهِ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ مِنْهُ إلَّا مَا أَمَرَهُ بِهِ، وَنَهَاهُ عَنْهُ، وَعَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ يُنَشِّطُهُ لِلْعَمَلِ الصَّالِحِ.
ثُمَّ يُوَرِّثُ قَلْبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَشْيَةَ، وَهِيَ الدَّرَجَةُ الثَّالِثَةُ دَرَجَةُ التَّقْوَى لِلَّهِ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ، وَجَلَّ {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28] ، وَهِيَ مُرَاقَبَتُهُ فِي السِّرِّ، وَالْعَلَانِيَةِ فَإِذَا دَخَلَ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ اسْتَقَلَّ كُلَّ مَا يَعْمَلُهُ لِلَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ فَعِنْدَ ذَلِكَ لَا يَأْلُو جَهْدًا، وَلَا اجْتِهَادًا، وَلَا يَمَلُّ فَإِذَا وَصَلَ الْعَبْدُ

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 39
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست