responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 214
فَتَعَجَّبْتُ وَقُلْتُ فِي نَفْسِي أَمِثْلُ هَذَا يَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ سَيِّدِي أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَرْجَانِيِّ فَاسْتَبْعَدْتُ ذَلِكَ فَرَدَّ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَأْسَهُ إلَيَّ وَنَظَرَ لِي، ثُمَّ رَجَعَ يَتَكَلَّمُ فِيمَا كَانَ بِسَبِيلِهِ فَقَالَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهِ يَنْبَغِي لِلْفَقِيرِ إذَا دَخَلَ عَلَى الشُّيُوخِ أَنْ لَا يُفَضِّلَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ شَيْخًا عَلَى غَيْرِهِ يَا مِسْكِينُ هَذَا الَّذِي تُفَضِّلُهُ لَوْ سَأَلْتَهُ عَمَّنْ فَضَّلْتَهُ عَلَيْهِ كَانَ جَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ: هُوَ بَرَكَتِي، وَهُوَ كَذَا وَكَذَا أَرْجُو مِنْ اللَّهِ - تَعَالَى - أَنْ يَنْفَعَنِي بِهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَرُبَّ سَاكِتٍ أَفْضَلُ مِنْ نَاطِقٍ فَيَجِيءُ أَحَدُكُمْ يُفَضِّلُ مَنْ يَخْطِرُ لَهُ بِمَا يَخْطِرُ لَهُ أَجَاءَ لَكَ أَحَدٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَأَخْبَرَكَ أَنَّ فُلَانًا عِنْدَهُ أَفْضَلُ مِنْ فُلَانٍ فَهَذَا مِنْ قِلَّةِ الْأَدَبِ وَالِاحْتِرَامِ فَتُبْ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - وَارْجِعْ إلَيْهِ مَا كَفَى أَنَّ أَحَدَكُمْ يُحْرَمُ الْعَمَلُ حَتَّى يُحْرَمَ الِاعْتِقَادُ مَا هَذَا الْحَالُ.
قَالَ فَبَقِيتُ أَتُوبُ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَعَلَّهُ يَسْكُتُ فَمَا سَكَتَ إلَّا بَعْدَ حِينٍ، أَوْ كَمَا قَالَ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفَضِّلَ بَيْنَ شَيْخَيْنِ إلَّا بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ. بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ مِنْ الْآخِرِ. أَوْ يَكُونَ الَّذِي يُفَضِّلُ أَعْلَى مَقَامًا مِنْهُمَا فَيَكْشِفُ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ مَنْ هُوَ فِي مَقَامٍ يَكْشِفُ عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ وَلَا يَكْشِفُ عَلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَشَفَ عَلَى مَقَامَاتِ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَمْ يَكْشِفْ عَلَى مَقَامِهِ الْخَاصِّ أَحَدٌ مِنْهُمْ.
وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا كَوْنُ الْمُرِيدِ يُعَظِّمُ شَيْخَهُ وَيُؤْثِرُهُ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ هُوَ فِي وَقْتِهِ؛ لِأَنَّ تَعْظِيمَهُ لَهُ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَدْ قَسَمَ لَهُ عَلَى يَدَيْهِ رِزْقًا حَسَنًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ رُزِقَ فِي شَيْءٍ فَلْيَلْزَمْهُ» وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «جُبِلَتْ الْقُلُوبُ عَلَى حُبِّ مَنْ أَحْسَنَ إلَيْهَا» وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِحْسَانَ بِمَا يَبْقَى هُوَ أَفْضَلُ وَأَعْلَى مِنْ الْإِحْسَانِ بِمَا يَفْنَى وَحَقِيقَةُ الْمُرِيدِ مَعَ شَيْخِهِ أَنَّ الشَّيْخَ وَجَدَهُ غَرِيقًا فِي بَحْرِ التَّلَفِ فَأَنْقَذَهُ وَخَلَّصَهُ مِنْهُ وَأَوْقَفَهُ بِبَابِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَلَا إحْسَانَ أَعْظَمَ مِنْ هَذَا الْإِحْسَانِ.
وَوَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ مَحَبَّةُ الْمُرِيدِ لِطَاعَةِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمَّا

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 214
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست