responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 206
وَجَوَارِحِهِ وَيَعْرِضُ ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ فَمَا وَافَقَ مِنْ ذَلِكَ حَمَدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَبَقِيَ خَائِفًا وَجِلًا خَشْيَةً مِنْ دَسَائِسَ وَقَعَتْ لَهُ لَمْ يَشْعُرْ بِهَا وَمَا لَمْ يُوَافِقْ احْتَسَبَ الْمُصِيبَةَ فِي ذَلِكَ وَرَجَعَ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - بِالتَّوْبَةِ، وَالْإِقْلَاعِ فَلَعَلَّ بَرَكَةَ التَّوْبَةِ تَمْحُو الْحَوْبَةَ وَيَنْجَبِرُ بِذَلِكَ مَا وَقَعَ لَهُ مِنْ الْخَلَلِ.
وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ أَصْلُ عَمَلِهَا لِلتَّحَفُّظِ مِنْ السَّيِّئَاتِ وَالْهَوَاجِسِ وَالْخَوَاطِرِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَأْخُذُ فِي كَسْبِ الْحَسَنَاتِ.
وَقَدْ قَالُوا: إنَّ تَرْكَ السَّيِّئَاتِ أَوْجَبُ مِنْ فِعْلِ الْحَسَنَاتِ؛ لِمَا فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ» .
وَقَدْ حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ بَكَى أَرْبَعِينَ سَنَةً فَسُئِلَ عَنْ سَبَبِ بُكَائِهِ فَقَالَ: اسْتَضَافَنِي أَخٌ لِي فَقَدَّمْتُ لَهُ سَمَكًا فَأَكَلَ، ثُمَّ أَخَذْتُ تُرَابًا مِنْ حَائِطِ جَارٍ لِي فَغَسَلَ بِهِ يَدَيْهِ فَأَنَا أَبْكِي عَلَى ذَلِكَ التُّرَابِ الَّذِي أَخَذْتُهُ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَحُكِيَ عَنْ آخَرَ مِثْلُهُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: طَلَعَ لِي طُلُوعٌ فَرَقَيْتُهُ فَاسْتَرَحْتُ مِنْهُ فَأَنَا أَبْكِي عَلَيْهِ لِعَدَمِ رِضَائِي بِمَا فَعَلَهُ اللَّهُ بِي، أَوْ كَمَا قَالَ وَأَحْوَالُهُمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَلَّ أَنْ تَنْحَصِرَ فَإِذَا كَانَ هَذَا حَالَهُمْ فِي مِثْلِ مَا وَصَفْنَاهُ عَنْهُمْ فَمَا بَالُكَ بِمَنْ يَحْمِلُ الْأَثْقَالَ وَأَيُّ أَثْقَالٍ، ثُمَّ يَحْصُرُ الْحَسَنَاتِ وَلَا يُفَكِّرُ فِي ضِدِّهَا؟ فَإِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ إنَّ بَعْضَهُمْ يَحْتَجُّ بِأَنَّهَا مُحَرِّكَةٌ وَمُذَكِّرَةٌ فَوَا سَوْأَتَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ التَّحْرِيكُ وَالتَّذْكِيرُ مِنْ الْقَلْبِ فِيمَا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: «إنَّ عَمَلَ السِّرِّ يَفْضُلُ عَمَلَ الْجَهْرِ بِسَبْعِينَ ضِعْفًا» هَذَا، وَهُوَ عَمَلٌ فَمَا بَالُكَ بِإِظْهَارِ شَيْءٍ لَيْسَ بِعَمَلٍ، وَإِنْ كَانَتْ صُورَتُهُ صُورَةَ عَمَلٍ وَمَا زَالَ النَّاسُ يُخْفُونَ أَعْمَالَهُمْ مَعَ وُجُودِ الْإِخْلَاصِ الْعَظِيمِ مِنْهُمْ وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ خَائِفُونَ وَجِلُونَ مِنْ دُخُولِهِ الدَّسَائِسَ عَلَيْهِمْ فَأَيْنَ الْحَالُ مِنْ الْحَالِ؟ فَإِنَّا لِلَّهِ، وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَفِعْلُ ذَلِكَ فِيهِ مِنْ الشُّهْرَةِ مَا فِيهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّاجِرَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِمُحَاوَلَةِ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ فَلَا يَتْرُكُ مَا لَهُ فِيهِ سَبْعُونَ ضِعْفًا وَيَأْخُذُ مَالَهُ فِيهِ شَيْءٌ وَاحِدٌ هَذَا مَعَ السَّلَامَةِ

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 206
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست