responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 145
بِشَيْءٍ مَا فَإِنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِاسْتِشْرَافِ نَفْسِهِ بِسَبَبِ سَمَاعِهِ مِنْهُمْ مَا يَخُوضُونَ فِيهِ، وَذَلِكَ يَذْهَبُ بِبَهَاءِ عِزَّةِ الْفَقْرِ، وَعِزَّةِ الْإِيَاسِ إذْ لَا بُدَّ لِمَنْ خَالَطَهُمْ أَنْ يَشْغَفَ بِشَيْءٍ مَا مِنْ حَالِهِمْ، وَلَوْ قَلَّ، وَذَلِكَ شُغْلٌ لِلْقَلْبِ عَمَّا هُوَ فِيهِ مِنْ التَّوَجُّهِ، وَالْإِقْبَالِ عَلَى الْمَوْلَى الْكَرِيمِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ تَعَلَّقَ بِالْإِرَادَةِ الْهَرَبُ الْكُلِّيُّ مِمَّنْ يُشَارُ إلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَالَ الْمُرِيدِ نَظِيفٌ جِدًّا، وَالتَّنْظِيفَ أَقَلُّ شَيْءٍ يُقَابِلُهُ مِنْ الْوَسَخِ يُؤَثِّرُ فِيهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّوْبَ الْمَصْبُوغَ فِي الْغَالِبِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ مَا وَقَعَ فِيهِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ الرَّفِيعِ الْأَبْيَضِ النَّظِيفِ فَإِنَّ أَقَلَّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ يُدَنِّسُهُ.، وَلِهَذَا الْمَعْنَى يُقَالُ فِي صِفَتِهِمْ: قَلَّتْ ذُنُوبُهُمْ لِمَعْرِفَتِهِمْ مِنْ أَيْنَ أُصِيبُوا، وَكَثُرَتْ ذُنُوبُ غَيْرِهِمْ فَلَمْ يَعْرِفُوا مِنْ أَيْنَ أُصِيبُوا، وَالْكِيمْيَاءُ عَلَى الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هِيَ الرُّجُوعُ إلَى الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالنُّزُولُ بِسَاحَةِ كَرَمِهِ، وَطَلَبُ الْعَبْدِ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ ضَرُورَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ عَزَّ، وَجَلَّ كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ يَسْتَحْيِ أَنْ يَرُدَّ يَدَيْ سَائِلِهِ صِفْرًا، وَقَدْ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنِّي لَأَدْعُو اللَّهَ فِي صَلَاتِي لِحَوَائِجِي كُلِّهَا حَتَّى الْمِلْحَ لِعَجِينِي، وَقَدْ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إلَى مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَا مُوسَى سَلْنِي حَتَّى الْمِلْحَ لِعَجِينِك فَوَعِزَّتِي، وَجَلَالِي لَئِنْ مَنَعْتُك فَلَا أَحَدَ يُعْطِيك إيَّاهُ أَوْ كَمَا قَالَ، وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ حَتَّى يَسْأَلَهُ الْمِلْحَ، وَحَتَّى يَسْأَلَهُ شِسْعَهُ إذَا انْقَطَعَ» .
فَسَبِيلُ الْعَبْدِ طَلَبُ حَوَائِجِهِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ جَاعَ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَنَا جَائِعٌ، وَكَذَلِكَ إنْ عَطِشَ أَوْ تَعَرَّى إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ حَوَائِجِهِ كُلِّهَا فِي جَلْبِ النَّفْعِ، وَدَفْعِ الضَّرَرِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ} [النمل: 62] ، وَقَالَ تَعَالَى {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} [النساء: 87] ، وَقَالَ {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلا} [النساء: 122] .
فَالْعَاقِلُ اللَّبِيبُ مَنْ شَمَّرَ عَنْ سَاعِدَيْهِ، وَتَوَكَّلَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى رَبِّهِ، وَأَنَابَ إلَيْهِ. فَإِذَا حَصَلَ لِلْمُرِيدِ هَذَا الْحَالُ فَلَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست