responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 124
إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَأَقْلَعَ عَنْهُ، وَإِذَا بِالْجُنْدِيِّ قَدْ قَامَ وَخَرَجَ مِنْ حِينِهِ.
فَهَذِهِ كَانَتْ أَحْوَالُهُمْ وَسِيرَتُهُمْ الْحَسَنَةُ، وَهُمْ قُدْوَةٌ لِمَنْ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ يَتَمَسَّكُ بِطَرِيقِهِمْ - أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لَا يُخَالِفَ بِنَا عَنْ حَالِهِمْ - وَمَعَ هَذَا فَلَا نُنْكِرُ الِاجْتِمَاعَ بِهِمْ أَعْنِي إذَا جَاءُوا إلَى الْفَقِيرِ رَاغِبِينَ فَقَدْ وَرَدَتْ السُّنَّةُ بِحُسْنِ الْبَشَاشَةِ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَالْأَخْذِ مَعَ الْمُضْطَرِّينَ، وَالْمَسَاكِينِ فِيمَا نَزَلَ بِهِمْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ احْتِيَاجَ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا لِلْمُرِيدِ، وَخَطَرَهُ أَعْظَمُ مِنْ احْتِيَاجِ غَيْرِهِمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ إلَى الْمُرِيدِ الْمُنْقَطِعِ إلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ الْمِسْكِينَ أَقْرَبُ إلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ إذْ هُوَ فِي حَالَةِ الِاضْطِرَارِ، وَالْمَسْكَنَةُ عَلَيْهِ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ الشُّرُودُ عَنْ بَابِ رَبِّهِمْ لِأَجْلِ تَعَلُّقِهِمْ بِمَنْ هُوَ فَوْقَهُمْ أَوْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُمْ مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَيَحْتَاجُ الْمُرِيدَ إذَا أَتَوْا إلَيْهِ أَنْ يُبَاسِطَهُمْ لِكَيْ يَتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى مَوْعِظَتِهِمْ وَسِيَاسَةِ أَخْلَاقِهِمْ لِيَسْرِقَ طِبَاعَهُمْ بِالرِّفْقِ وَالتَّيْسِيرِ وَعَدَمِ التَّنْفِيرِ قَاصِدًا بِذَلِكَ وُقُوفَهُمْ بِبَابِ رَبِّهِمْ، وَإِرْشَادَهُمْ إلَيْهِ لَا لِغَرَضٍ دُنْيَوِيٍّ؛ لِأَنَّ نَجَاةَ هَؤُلَاءِ مِنْ بَابِ خَرْقِ الْعَادَةِ بِخِلَافِ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ، فَإِذَا خَلَّصَ وَاحِدًا مِمَّنْ هَذِهِ صِفَتُهُ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ الْجِهَادِ، وَفِي الْجِهَادِ مِنْ الْفَضِيلَةِ مَا فِيهِ فَيَحْتَاجُ أَنْ يَغْتَنِمَ مَا سِيقَ إلَيْهِ مِنْ هَذَا الْخَيْرِ الْعَظِيمِ، وَيَشُدَّ يَدَهُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَتَحَفَّظَ عَلَى مَقَامِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ مِنْ تَدْنِيسِهِ بِالتَّشَوُّفِ إلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ أَوْ التَّعَزُّزِ بِعِزِّهِمْ الْفَانِي أَوْ الرُّكُونِ إلَى شَيْءٍ مِنْ أَحْوَالِهِمْ الزَّائِلَةِ فَإِذَا سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي قَضَاءَ حَوَائِجِ الْمُضْطَرِّينَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَيْدِيهِمْ؛ لِأَنَّ لَهُ بِذَلِكَ الْمِنَّةَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ سَاقَ إلَيْهِمْ خَيْرًا عَظِيمًا، وَمَعْرُوفًا جَسِيمًا لَكِنْ بِشَرْطٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ، وَهُوَ أَنْ يُرِيهِمْ أَنَّ الْحَظَّ وَالْمَنْفَعَةَ وَالْحَاجَةَ الْكُبْرَى لَهُمْ فِي اسْتِقْضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ بَعْدَ أَنْ يُحَقِّقَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ مُضْطَرُّونَ إلَى ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَابِ الْحَاجَاتِ إلَيْهِمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَيَّنٌ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ لَهُمْ بِذَلِكَ فَكَيْفَ مَعَ اطِّلَاعِهِ وَاطِّلَاعِهِمْ، وَهَذَا بَابٌ كَبِيرٌ مُتَّسِعٌ فَيَكْفِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَالْفُقَرَاءُ السَّالِكُونَ مِمَّنْ مَضَى

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست