responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 122
فَتَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ أَنَّ كُلَّ مَنْ حَضَرَ السَّمَاعَ مِنْ الرِّجَالِ، وَالشُّبَّانِ، وَمَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ سَمِعَهُمْ اُفْتُتِنَ، وَقَلَّ أَنْ يَرْضَى بِمَا عِنْدَهُ مِنْ الْحَلَالِ غَالِبًا فَتَتَشَوَّفُ نُفُوسُهُمْ إلَى ارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَصِلُ إلَى غَرَضِهِ الْخَسِيسِ، وَهِيَ الْبَلِيَّةُ الْعُظْمَى، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ لِقِلَّةِ ذَاتِ يَدِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْعَوَائِقِ الْمَانِعَةِ لَهُ فَيَكُونُ آثِمًا فِي قَصْدِهِ.
وَلَوْ وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذُكِرَ لَرُجِيَتْ لَهُمْ التَّوْبَةُ وَالْإِقْلَاعُ وَالْإِقَالَةُ مِمَّا وَقَعُوا فِيهِ، لَكِنَّ الْبَلِيَّةَ الْعُظْمَى أَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِذَلِكَ، وَيَعْتَقِدُونَ بِهِ الْقُرْبَةَ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سِيَّمَا إنْ عَمِلُوهُ بِسَبَبِ الْمَوْلِدِ فَهُوَ أَعْظَمُ فِي الْفِتْنَةِ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُمْ فِي أَكْبَرِ الطَّاعَاتِ، وَإِظْهَارِ شَعَائِرِ الدِّينِ، وَتُعْطِي هَذِهِ الْقَاعِدَةُ الَّتِي انْتَحَلُوهَا أَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِالشَّعَائِرِ مِنْ سَلَفِهِمْ - نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الْمِحَنِ، وَالْفِتَنِ، وَمِنْ الِابْتِدَاعِ، وَتَرْكِ الِاتِّبَاعِ -، وَبِالْجُمْلَةِ فَفِتْنَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ، وَهَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنْ إضَاعَةِ الْمَالِ، وَالرِّيَاءِ، وَالسُّمْعَةِ لَوْ قِيلَ لِأَحَدِهِمْ: تَصَدَّقْ بِبَعْضِ مَا تُنْفِقُهُ فِيهِ عَلَى الْمُضْطَرِّينَ الْمُحْتَاجِينَ سَرَى الشُّحُّ بِذَلِكَ وَبَخِلَ، وَمَا ذَلِكَ إلَّا لِوُجُوهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: خُبْثُ الْكَسْبِ غَالِبًا؛ لِأَنَّ الْمَالَ الَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ وَجْهٍ خَبِيثٍ لَا يَخْرُجُ إلَّا فِي وَجْهٍ خَبِيثٍ مِثْلِهِ بِذَلِكَ جَرَتْ الْحِكْمَةُ.
الثَّانِي: إيثَارُ الشَّهَوَاتِ، وَالْمَلَذَّاتِ.
الثَّالِثُ: الرِّيَاءُ، وَالسُّمْعَةُ.
الرَّابِعُ: مَحَبَّةُ الثَّنَاءِ، وَالْمَحْمَدَةِ، وَالْقِيلِ وَالْقَالِ كَمَا تَقَدَّمَ.
الْخَامِسُ: مَحَبَّةُ النُّفُوسِ فِي الظُّهُورِ عَلَى الْأَقْرَانِ.
السَّادِسَةُ: أَنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ خَالِصَةٌ لِلرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا إلَّا ذُو حَزْمٍ، وَمُرُوءَةٍ، وَإِخْلَاصٍ، فَالسَّعِيدُ السَّعِيدُ مَنْ تَمَسَّكَ بِنُورِ الشَّرِيعَةِ، وَسَلَكَ مِنْهَاجَهَا، وَشَدَّ يَدَهُ عَلَيْهَا، وَتَرَكَ كُلَّ مَا أَحْدَثَهُ الْمُحْدِثُونَ، وَعَمِلَ عَلَى خَلَاصِ مُهْجَتِهِ، وَأَهْلِهِ، وَوَلَدِهِ، وَلَا خَلَاصَ إلَّا بِالِاتِّبَاعِ، وَتَرْكِ الِابْتِدَاعِ - سَلَكَ اللَّهُ بِنَا الطَّرِيقَ الْأَرْشَدَ إنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ - بِمُحَمَّدٍ، وَآلِهِ (فَصْلٌ)
، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُكَلَّفِ لَمْ يَبْقَ إلَّا فِي قِسْمَيْنِ: وَهُمَا الْوُجُوبُ، وَالنَّدْبُ فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْفَقِيرِ الْمُنْقَطِعِ فَمَا

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 3  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست