responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 43
«حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ وَمَمَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ» فَجَعَلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَيَاتَهُ وَمَمَاتَهُ كِلَيْهِمَا سِيَّانِ فِي الْفَضِيلَةِ فِي تَعَدِّي نَفْعِهِ وَبَرَكَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأُمَّتِهِ أَوَّلِهَا وَوَسَطِهَا وَآخِرِهَا فَنَصَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى عُمُومِ نَفْعِهِ فِي الْحَالَتَيْنِ مَعًا. كَيْفَ لَا، وَهُوَ سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَسَيِّدُ مَنْ وَطِئَ الْحَصَى وَكَانَ مِنْ رَبِّهِ فِي الْقُرْبِ وَالتَّدَانِي مَعَ التَّنْزِيهِ وَالتَّقْدِيسِ كَقَابَ قَوْسَيْنِ، أَوْ أَدْنَى. ثُمَّ نَرْجِعُ إلَى مَعْنَى كَلَامِ سَيِّدِي الشَّيْخِ الْجَلِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْمَرْجَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَقَالَ ثُمَّ أَقْسَمَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَبِأُمَّتِهِ فَقَالَ تَعَالَى {وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ} [البلد: 3] ؛ لِأَنَّ الْوَالِدَ فِي حَقِيقَةِ الْمَعْنَى هُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأُمَّتُهُ أَوْلَادُهُ. إذْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ سَبَبًا لِلْإِنْعَامِ عَلَيْهِمْ بِالْحَيَاةِ السَّرْمَدِيَّةِ وَالْخُلُودِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَسَلَامَتِهِمْ مِمَّا كَانُوا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ الْعَظِيمِ. وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ «إنَّمَا أَنَا لَكُمْ بِمَثَابَةِ الْوَالِدِ» انْتَهَى، وَهَذَا ظَاهِرٌ قَالَ تَعَالَى {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] فَحَقُّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَعْظَمُ مِنْ حُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ.
قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «ابْدَأْ بِنَفْسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» فَقَدَّمَ نَفْسَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَدَّمَهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى نَفْسِ كُلِّ مُؤْمِنٍ. وَمَعْنَى ذَلِكَ إذَا تَعَارَضَ لَهُ حَقَّانِ حَقٌّ لِنَفْسِهِ وَحَقٌّ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَآكَدُهُمَا عَلَيْهِ وَأَوْجَبُ. حَقُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ يَجْعَلُ حَقَّ نَفْسِهِ تَبَعًا لِلْحَقِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ كَذَلِكَ فِي تَتَبُّعِ الْحَرَكَاتِ وَالسَّكَنَاتِ. وَإِذَا تَأَمَّلْت الْأَمْرَ فِي الشَّاهِدِ وَجَدْت نَفْعَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَك أَعْظَمَ مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَسَائِرِ الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ إذْ أَنَّ حَقِيقَةَ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ وَجَدَك غَرِيقًا فِي بِحَارِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا الْمُوجِبَةِ لِغَضَبِ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَأَنْقَذَك وَأَنْقَذَ آبَاءَك وَأَبْنَاءَك وَمَنْ مَشَى عَلَى مَشْيِك، وَغَايَةُ أَمْرِ أَبَوَيْك أَنَّهُمَا أَوْجَدَاك فِي الْحِسِّ فَكَانَا سَبَبًا لِإِخْرَاجِك إلَى دَارِ التَّكْلِيفِ وَمَحَلِّ الْبَلَايَا وَالْمِحَنِ فَأَوَّلُ ذَنْبٍ يُوقِعُهُ الْمَرْءُ فِيهَا اسْتَحَقَّ بِهِ النَّارَ وَبَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 43
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست