responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 190
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ فِيهِ: إنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ شِدَّةِ الْآلَامِ، وَالْأَوْجَاعِ لِرِفْعَةِ مَنَازِلِ الْمُرْسَلِينَ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ الرَّجُلَانِ مِنْكُمْ» الْحَدِيثَ انْتَهَى. وَهَذَا مِنْ بَابِ تَأْنِيسِ الْبَشَرِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ كَانَ سَيِّدِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَرْجَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «إنَّ لِلْمَوْتِ لَسَكَرَاتٍ» إنَّ تِلْكَ السَّكَرَاتِ سَكَرَاتُ الطَّرِبِ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِ بِلَالٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ قَالَ لَهُ أَهْلُهُ، وَهُوَ فِي السِّيَاقِ، وَاكَرْبَاهُ فَفَتَحَ عَيْنَهُ، وَقَالَ: وَاطَرَبَاهُ غَدًا أَلْقَى الْأَحِبَّهْ مُحَمَّدًا، وَحِزْبَهْ انْتَهَى.
فَإِذَا كَانَ هَذَا طَرَبَهُ فِي هَذَا الْحَالِ بِلِقَاءِ مَحْبُوبِهِ، وَهُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحِزْبُهُ، فَمَا بَالُك بِلِقَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْمَوْلَى الْكَرِيمِ {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} [السجدة: 17] ، وَهَذَا مَوْضِعٌ تَقْصُرُ الْعِبَارَةُ عَنْ وَصْفِ بَعْضِهِ، فَالْحَاصِلُ مِنْ هَذَا أَنَّ أَحْوَالَ الْبَشَرِيَّةِ، وَمَا يَطْرَأُ عَلَيْهَا مِنْ الْأَمْرَاضِ وَالْأَعْرَاضِ إنَّمَا ذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ فِي الظَّاهِرِ، وَهُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مَشْغُولٌ بِرَبِّهِ مُقْبِلٌ عَلَى آخِرَتِهِ ظَاهِرُهُ مَعَ الْخَلْقِ، وَبَاطِنُهُ مَعَ رَبِّ الْخَلْقِ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ غَائِبٌ عَنْ أَلَمِ الظَّاهِرِ. هَذَا تَجِدُهُ مَحْسُوسًا فِي بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ فَكَيْفَ بِسَيِّدِ الْأَوَّلِينَ، وَالْآخَرِينَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ، أَلَا تَرَى إلَى مَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، وَهُوَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا أَصَابَتْهُ الْأَكَلَةُ فِي رِجْلِهِ فَأَرَادُوا أَنْ يَقْطَعُوا الْقَدَمَ الَّتِي خَرَجَتْ فِيهِ لِئَلَّا تَتَعَدَّى لِجَمِيعِ بَدَنِهِ، فَكَانَ يَأْبَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ فَقَالَتْ لَهُمْ زَوْجَتُهُ: إنَّكُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الصَّلَاةِ فَلَمَّا أَنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ حَضَرُوا فَقَطَعُوهَا لَهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ رَآهُمْ مُحَدِّقِينَ بِهِ فَقَالَ لَهُمْ: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقْطَعُوا لِي غَيْرَ هَذِهِ الْمَرَّةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالُوا لَهُ: هُوَ ذَا فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا شَعَرْت بِكُمْ، وَكَذَلِكَ مَا حُكِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ يُصَلِّي، وَانْهَدَمَتْ أُسْطُوَانَةٌ فِيهِ، فَهَرِعَ النَّاسُ مِنْ أَسْوَاقِهِمْ يَنْظُرُونَ الْخَبَرَ لِشِدَّةِ انْزِعَاجِهِمْ عِنْدَ وُقُوعِهَا وَتَأَثُّرِهِمْ، وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَشْعُرْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَتْ حِكَايَةُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي بَيْتِهِ

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 190
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست