responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 160
مَنْ طَلَبَ الْعَدَالَةَ فَهُوَ قَدْحٌ فِي عَدَالَتِهِ سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ خُصُوصًا لِمَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأُمُورِ الْفَظِيعَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مِنْ الْقَبَائِحِ إلَّا مَا أَحْدَثُوهُ مِنْ بَذْلِ الْمَالِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ خَاصًّا بِهَا، بَلْ هِيَ وَغَيْرُهَا مِنْ الْمَنَاصِبِ الدِّينِيَّةِ رَجَعَتْ إلَى بَذْلِ الْمَالِ وَالِاسْتِعَانَةِ مَعَهُ بِمَنْ لَا يُرْضَى حَالُهُ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ، فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا قَوِيًّا فِي أَنْ يَأْخُذَ الْمَنَاصِبَ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا، وَيُحْرَمَهَا مَنْ يَسْتَحِقُّهَا فِي الْغَالِبِ، فَآلَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ إلَى أَشْيَاءَ فَظِيعَةٍ مِنْ إبْطَالِ الْأَنْكِحَةِ، وَالْعُقُودِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ، إذْ أَنَّ الرَّبْطَ وَالْحَلَّ إنَّمَا هُوَ بِالْعُدُولِ، لَكِنَّ أَكْثَرَ الْعُدُولِ فِي هَذَا الزَّمَانِ حَالُهُمْ مَعْلُومٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى شَرْحِهِ، وَلِأَجْلِ هَذَا الْمَعْنَى كَثُرَتْ شَهَادَاتُ الزُّورِ إذْ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْعَدَالَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ الْمَنَاصِبِ الدِّينِيَّةِ أَهْلُهَا لَقَلَّتْ الْمَفَاسِدُ، بَلْ تُعْدَمُ بِالْكُلِّيَّةِ.
وَقَدْ ذَكَرْت لِبَعْضِ الْمُبَارَكِينَ شَخْصًا، وَأَثْنَيْت عَلَيْهِ عِنْدَهُ، وَقُلْت لَهُ: إنَّ وَالِدَهُ يَطْلُبُ لَهُ الْعَدَالَةَ فَقَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ هُوَ الْآنَ عَدْلٌ كَيْفَ يُجَرِّحُونَهُ، فَقُلْت لَهُ: الْعَدَالَةُ تَجْرِيحٌ فَقَالَ: نَعَمْ فِي هَذَا الزَّمَانِ تَرْكُ الْعَدَالَةِ هِيَ الْعَدَالَةُ، وَمَا ذَكَرَهُ بَيِّنٌ أَلَا تَرَى إلَى حَالِ بَعْضِهِمْ فِي الْمَكْتُوبِ إذَا كَتَبَهُ يَطْلُبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ، وَيَتَشَاحُّ فِي ذَلِكَ، وَلِسَانُ الْعِلْمِ يَمْنَعُهُ إذْ أَنَّ الْجَالِسَ لَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَرْبَعِ مَرَاتِبَ أَوَّلُهَا، وَهِيَ أَعْلَاهَا: أَنْ يَجْلِسَ لِقَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ، وَالتَّفْرِيجِ عَنْهُمْ، وَإِرْشَادِهِمْ، وَتَصْحِيحِ عُقُودِهِمْ طَالِبًا بِذَلِكَ الثَّوَابَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، وَلَا لِثَنَاءٍ وَغَيْرِهِ، امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» ، فَإِذَا أَعْطَى شَيْئًا تَبَرَّمَ مِنْهُ، وَأَغْلَظَ عَلَى فَاعِلِهِ، وَهَذَا عَزِيزُ الْوُجُودِ، فَإِنْ وُجِدَ كَانَ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ صَلَاتِهِ النَّافِلَةَ فِي بَيْتِهِ، وَانْقِطَاعِهِ لِلتَّعَبُّدِ، إذْ أَنَّهُ خَيْرٌ مُتَعَدٍّ لِإِخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُخْتَلَفُ أَنَّ النَّفْعَ الْمُتَعَدِّيَ أَفْضَلُ مِنْ الْقَاصِرِ عَلَى الْمَرْءِ نَفْسِهِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ مِنْ الْآفَاتِ الَّتِي تَعْتَوِرُهُ فِي ذَلِكَ.
الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَجْلِسَ لِلشَّهَادَةِ

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 160
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست