responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 127
إنَّهُ لَا يُمْكِنُ طَالِبَ الْعِلْمِ التَّسَبُّبُ فِي الصَّنَائِعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ سَمْتِهِ، وَوَقَارِهِ، وَزِيِّهِ فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا أَيْضًا مِنْ الْبِدَعِ الَّتِي أُحْدِثَتْ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ فَرْقٌ فِي الزِّيِّ، وَلَا الْمَلْبَسِ لِفَقِيهٍ، وَلَا لِغَيْرِهِ، وَمِنْ كِتَابِ الْقُوتِ قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إنَّ اللَّهَ أَخَذَ عَلَى أَئِمَّةِ الْهُدَى أَنْ يَكُونُوا فِي مِثْلِ أَدْنَى أَحْوَالِ النَّاسِ لِيَقْتَدِيَ بِهِمْ الْغَنِيُّ، وَلَا يَزْرِي بِالْفَقِيرِ فَقْرُهُ، وَعُوتِبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي لِبَاسِهِ، وَكَانَ يَلْبَسُ الْخَشِنَ مِنْ الْكَرَابِيسِ قِيمَةُ قَمِيصِهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَى خَمْسَةٍ، وَيَقْطَعُ مَا فَضَلَ عَنْ أَطْرَافِ أَصَابِعِهِ فَقَالَ: هَذَا أَدْنَى إلَى التَّوَاضُعِ، وَأَجْدَرُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ.
وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ التَّنَعُّمِ، وَقَالَ: «أَلَا إنَّ عِبَادَ اللَّهِ لَيْسُوا بِالْمُتَنَعِّمِينَ» ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَنْ رَقَّ ثَوْبُهُ رَقَّ دِينُهُ، وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ مِنْ شِرَارِ أُمَّتِي الَّذِينَ غُذُّوا بِالنَّعِيمِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَلْوَانَ الطَّعَامِ، وَيَلْبَسُونَ أَلْوَانَ الثِّيَابِ، وَيَتَشَدَّقُونَ فِي الْكَلَامِ» انْتَهَى.
أَلَا تَرَى إلَى قِصَّةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ثَوْبِهِ الَّذِي كَانَ فِيهِ إحْدَى عَشْرَةَ رُقْعَةً إحْدَاهَا مِنْ أَدِيمٍ، هَذَا وَهُوَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا بَالُك بِغَيْرِهِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَانَ ذَلِكَ فِي زَمَانٍ لَائِقٍ بِهِمْ، وَهَذَا زَمَانٌ لَا يَلِيقُ بِهِ مَا ذَكَرْتُمْ فَالْجَوَابُ: أَنَّ الزَّمَانَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ سَوَاءٌ إذْ أَنَّ الْكُلَّ عَمَّهُمْ الْخِطَابُ، وَتَنَاوَلَتْهُمْ الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ تَجِدُ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ هَذَا الزَّمَانِ مُتَّصِفًا بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ الْجَلِيلَةِ شَرْعًا، أَوْ بِجُلِّهَا، وَقَدْ مَضَتْ حِكَايَةُ الشَّيْخِ الْجَلِيلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَوَاضُعِهِ فِي تَصَرُّفِهِ، وَكَذَلِكَ حِكَايَةُ الشَّيْخِ الْجَلِيلِ الْمَعْرُوفِ بِالزَّيَّاتِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمَا جَرَى لَهُ، وَكَانَ مِنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ الصُّلَحَاءِ فِي وَقْتِهِ، وَفِي هَذَا الْوَقْتِ بِبِلَادِ الْمَغْرِبِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إذَا جَلَسَ إلَى الدَّرْسِ يَجْتَمِعُ لَهُ نَحْوٌ مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ، أَوْ سِتِّمِائَةٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَحْضُرُونَ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ مَجْلِسِهِ قَامَ، وَدَخَلَ بَيْتَهُ، وَأَخْرَجَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ عَلَى

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست