responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 125
فَتَرَكَهَا.
وَقَدْ نَقَلَ مَعْنَى هَذَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي مَرَاقِي الزُّلْفَى لَهُ فَقَالَ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْعِلْمُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْعَمَلُ لِلَّهِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَطْلُبُ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللَّهِ فَيَرُدُّهُ الْعِلْمُ إلَى اللَّهِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ يَأْبَى أَنْ يَكُونَ إلَّا لِلَّهِ انْتَهَى. هَذَا وَجْهٌ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا إنْسَانٌ غُرَّ فَسَلِمَ، وَلَا يُمْكِنُ لِعَاقِلٍ أَنْ يَغُرَّ بِنَفْسِهِ، وَيَرْجُوَ أَنْ يَسْلَمَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ تَدْعُو الضَّرُورَةُ، وَهُوَ الْغَالِبُ إلَى طَلَبِ الْمَعْلُومِ، وَإِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مَدَارِسَ جَمَّةٍ لِأَجْلِ قِيَامِ الْبِنْيَةِ، وَضَرُورَاتِ الْبَشَرِيَّةِ فَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا الْبَابَ مِنْهُ، وَقَعَ الْخَلَلُ، وَرَجَعَتْ أَعْمَالُ الْآخِرَةِ لِمُجَرَّدِ الدُّنْيَا، وَهُوَ عَطَبٌ عَظِيمٌ إذْ أَنَّ الدُّنْيَا لَا تُطْلَبُ بِعَمَلِ الْآخِرَةِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَلَا يَخْلُو طَالِبُ الْعِلْمِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ قَوِيًّا فِي دِينِهِ وَاثِقًا بِرَبِّهِ، أَوْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَاشْتِغَالُهُ بِالْعِلْمِ، وَإِقْبَالُهُ عَلَيْهِ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَنْ يَدُورَ عَلَى الْمَدَارِسِ، أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ تَكَفَّلَ بِرِزْقِهِ خُصُوصًا كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15] فَجَعَلَ الْمَشْيَ سَبَبًا لِلرِّزْقِ، فَالْجَوَابُ أَنَّك إذَا نَظَرْت إلَى تَمَامِ الْآيَةِ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15] بَانَ لَك أَنَّ آخِرَ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِيهِ التَّنْبِيهُ لِلْمُتَسَبِّبِينَ عَلَى التَّحَفُّظِ فِي مَا يُحَاوِلُونَهُ مِنْ الْأَسْبَابِ كُلِّهَا، إذْ أَنَّ يَوْمَ النُّشُورِ فِيهِ الْحِسَابُ فَفِي ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى الْوَرَعِ فِي السَّبَبِ خِيفَةً مِنْ الْحِسَابِ وَالْمُنَاقَشَةِ يَوْمَ النُّشُورِ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقَهُ» انْتَهَى.
وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ: «لَوْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ فِي جَوِّ السَّمَاءِ تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا» انْتَهَى.
فَأَرْشَدَنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ هَذَا إلَى تَرْكِ الْأَسْبَابِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَالِاشْتِغَالِ بِالْأَعْمَالِ الْأُخْرَوِيَّةِ ثِقَةً بِاَللَّهِ تَعَالَى

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 125
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست