responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 120
أَنْ يُقْرَأَ، فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ هَذَا الْعِلْمَ لَمْ يُؤْخَذْ إلَّا بِالتَّوَاضُعِ وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ - رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَأَنْ تَتَوَاضَعُوا لِمَنْ تَتَعَلَّمُونَ مِنْهُ، فَقَامَ الْخَلِيفَةُ وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، هَذَا وَهُوَ خَلِيفَةُ ذَلِكَ الزَّمَانِ مَعَ أَنَّهُ فِي الْفَضِيلَةِ كَانَ بِحَيْثُ يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ مِنْهَا، وَلِأَجْلِ مَا عِنْدَهُ مِنْ فَضِيلَةِ الْعِلْمِ انْقَادَ إلَى الْأَدَبِ وَالتَّوَاضُعِ، وَلَمْ يَزِدْهُ ذَلِكَ إلَّا رِفْعَةً وَهَيْبَةً، بَلْ ارْتَفَعَ قَدْرُهُ بِذَلِكَ وَبَقِيَ يُثْنِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ فِي مَجَالِسِ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ.
وَمِنْ كِتَابِ الْقُوتِ إذَا جَمَعَ الْعَالِمُ ثَلَاثًا تَمَّتْ النِّعْمَةُ بِهِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ الصَّبْرُ وَالتَّوَاضُعُ وَحُسْنُ الْخَلْقِ، وَإِذَا جَمَعَ الْمُتَعَلِّمُ ثَلَاثًا تَمَّتْ النِّعْمَةُ بِهِ عَلَى الْعَالِمِ الْعَقْلُ وَالْأَدَبُ وَحُسْنُ الْفَهْمِ انْتَهَى. فَمَنْ أَرَادَ الرِّفْعَةَ فَلْيَتَوَاضَعْ لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ الْعِزَّةَ لَا تَقَعُ إلَّا بِقَدْرِ النُّزُولِ. أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَاءَ لَمَّا نَزَلَ إلَى أَصْلِ الشَّجَرَةِ صَعِدَ إلَى أَعْلَاهَا، فَكَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَهُ مَا صَعِدَ بِك هَاهُنَا أَعْنِي فِي رَأْسِ الشَّجَرَةِ وَأَنْتَ قَدْ نَزَلْت تَحْتَ أَصْلِهَا، فَكَأَنَّ لِسَانَ حَالِهِ يَقُولُ: مَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَمَنْ سَبَقَ إلَى مَوْضِعٍ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَوْنُهُ يُقِيمُ أَحَدًا مِنْ مَوْضِعِهِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ الْبِدْعَةِ وَارْتِكَابِ النَّهْيِ وَالتَّكَبُّرِ وَالتَّجَبُّرِ «نَهَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ أَنْ يُقَامَ الرَّجُلُ مِنْ مَجْلِسِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ آخَرُ، وَلَكِنْ تَفَسَّحُوا وَتَوَسَّعُوا» انْتَهَى. وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحِ، وَهُوَ نَصٌّ فِي عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ فَعَلَى هَذَا فَحَيْثُمَا بَلَغَ بِالْإِنْسَانِ الْمَجْلِسُ جَلَسَ فَهِيَ السُّنَّةُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْبِدْعَةِ وَارْتِكَابِ النَّهْيِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالْفَضِيلَةُ عِنْدَ السَّلَفِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - إنَّمَا هِيَ بِالِاتِّصَافِ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَلَيْسَتْ بِالْمَوَاضِعِ وَلَا بِالْخُلَعِ وَلَا بِوُجُودِ الْمَنَاصِبِ، وَلَكِنْ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ فِي التَّوَاضُعِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ، فَلَوْ جَلَسَ مَنْ لَهُ فَضِيلَةٌ عِنْدَ الْأَقْدَامِ لَصَارَ مَوْضِعُهُ صَدْرًا وَعَكْسُهُ عَكْسَهُ، فَلْيُحْذَرْ مِنْ هَذَا التَّنَافُسِ الْمَذْمُومِ شَرْعًا، فَإِنَّهُ سُمٌّ قَاتِلٌ لِفَاعِلِهِ وَلِمَنْ يَقْتَدِي بِهِ، وَهُوَ نَوْعٌ قَبِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكِتَابِ فِي الْقِيَامِ وَاللِّبَاسِ، بَلْ هَذَا أَشَدُّ قُبْحًا

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 120
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست