responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 111
عُذْرَ لَهُ فِي الطَّلَبِ لِمَا ذُكِرَ لِأَجْلِ الْعَائِلَةِ وَالْمُلَازِمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ ذَلِكَ تَقِيَّةً عَلَى هَذَا الْمَنْصِبِ الشَّرِيفِ لَمْ يُضَيِّعْ اللَّهُ الْكَرِيمُ قَصْدَهُ، وَأَتَاهُ بِهِ أَوْ فَتَحَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْبِهِ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ، وَسَدَّ خَلَّتَهُ وَأَعَانَهُ عَلَى مَا شَاءَ كَيْفَ شَاءَ، وَلَيْسَ رِزْقُهُ بِمُنْحَصِرٍ فِي جِهَةٍ بِعَيْنِهَا.
وَعَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى أَبَدًا مُسْتَمِرَّةٌ عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَرْزُقُ مَنْ هَذَا حَالُهُ مِنْ غَيْرِ بَابٍ يَقْصِدُهُ أَوْ يُؤْمَلُهُ، بَلْ الْأَمْرُ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ مَنْ لِلَّهِ تَعَالَى بِهِ اعْتِنَاءٌ فَإِنَّهُ يَقْطَعُ بِهِ كُلَّ جِهَةٍ يُؤَمِّلُهَا أَوْ يَقْصِدُهَا؛ لِأَنَّ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى مِنْهُمْ انْقِطَاعُهُمْ إلَيْهِ وَتَعْوِيلُهُمْ فِي كُلِّ أُمُورِهِمْ عَلَيْهِ وَلَا يَنْظُرُونَ إلَى الْأَسْبَابِ، بَلْ إلَى مُسَبِّبِ الْأَسْبَابِ وَمُدَبِّرِهَا وَالْقَادِرِ عَلَيْهَا. وَكَيْفَ لَا يَكُونُ الْعَالِمُ كَذَلِكَ، وَهُوَ الْمُرْشِدُ لِلْخَلْقِ وَالْمُوَضِّحُ الطَّرِيقَ الْمُسْتَقِيمَ لِلسُّلُوكِ إلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَمَنْ تَرَكَ جِهَةً لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ قَاصِدٌ إلَى أُخْرَى فَيُبَدَّلُ عَنْهَا مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا.
قَالَ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ تَرَكَ شَيْئًا لِلَّهِ عَوَّضَهُ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ» انْتَهَى
فَالْحَاصِلُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعَالِمَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكُونَ تَوَكُّلُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ مِنْ بَيْتٍ أَوْ مَسْجِدٍ أَوْ مَدْرَسَةٍ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءً فِي حَقِّهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَيَجِيءُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا قُطِعَ عَنْهُ الْمَعْلُومُ لَا يَتَسَخَّطُ وَلَا يَتَضَجَّرُ وَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْجِدِّ وَالِاجْتِهَادِ، بَلْ يَزِيدُ فِي الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّهُ تَمَحَّضَ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلُ

[فَصْلٌ للعالم أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى أَنَّهُ مِنْ أبناء الدنيا]
(فَصْلٌ) وَيَنْبَغِي لَهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِمَّا ذُكِرَ أَنْ لَا يَتَرَدَّدَ لِأَحَدٍ مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى أَنَّهُ مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَالِمَ يَنْبَغِيَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ عَلَى بَابِهِ لَا عَكْسَ الْحَالِ أَنْ يَكُونَ هُوَ عَلَى أَبْوَابِهِمْ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي كَوْنِهِ يَخَافُ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ حَاسِدٍ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِمَّنْ يَخْشَى أَنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ، أَوْ يَرْجُو أَحَدًا مِنْهُمْ فِي دَفْعِ شَيْءٍ مِمَّا يَخْشَاهُ، أَوْ يَرْجُو أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِقَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ جَلْبِ مَنْفَعَةٍ لَهُمْ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ عَنْهُمْ، فَهَذَا لَيْسَ فِيهِ عُذْرٌ

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 2  صفحه : 111
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست