responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 1  صفحه : 68
ثُمَّ قَعَدَ يُعَلِّمُ النَّاسَ الْخَيْرَ نُودِيَ فِي السَّمَوَاتِ عَظِيمًا» .
وَبِهَذَا تَوَاطَأَتْ الْأَخْبَارُ وَنَقَلَتْ الْأُمَّةُ خَلْفًا عَنْ سَلَفٍ أَعْنِي تَعْظِيمَ الْعَالِمِ وَرَفْعَ مَنْزِلَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ إذْ أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ دَرَجَةِ الْأَنْبِيَاءِ إلَّا الْعُلَمَاءُ ثُمَّ بَعْدَ دَرَجَتِهِمْ دَرَجَةُ الشُّهَدَاءِ، وَقَدْ رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ «لَوْ وُزِنَ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ وَدَمُ الشُّهَدَاءِ لَرَجَحَ عَلَيْهِ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ» .
وَهَذَا بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ دَمَ الشُّهَدَاءِ إنَّمَا هُوَ فِي سَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ أَوْ سَاعَاتٍ ثُمَّ انْفَصَلَ الْأَمْرُ فِيهِ لِإِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، وَمِدَادُ الْعُلَمَاءِ هُوَ وَظِيفَةُ الْعُمُرِ لَيْلًا وَنَهَارًا ثُمَّ إنَّهُ مُحْتَاجٌ فِيهِ لِمُبَاشَرَةِ غَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ إمَّا أَنْ يُعَلِّمَ أَوْ يَتَعَلَّمَ، وَكِلَاهُمَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مُجَاهِدَةٍ عَظِيمَةٍ لِأَجْلِ خِلْطَةِ النَّاسِ وَمُبَاشَرَتِهِمْ، وَذَلِكَ أَمْرٌ عَسِيرٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنَّ كُلَّ مَنْ اجْتَمَعَ بِهِ يَنْفَصِلُ، وَهُوَ طَيِّبُ النَّفْسِ مُنْشَرِحُ الصَّدْرِ بِذَلِكَ مَضَتْ السُّنَّةُ وَانْقَرَضَ السَّلَفُ عَلَيْهِ.
وَهَذَا مَعَ مُرَاعَاةِ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ تَخْلِيصُ الذِّمَّةِ مِمَّا يَتَرَتَّبُ فِيهَا، وَعَلَيْهَا مِنْ حُقُوقِ الْإِخْوَانِ فِي الْحَضْرَةِ وَالْغَيْبَةِ وَالسَّلَامَةِ مِنْ أَعْرَاضِهِمْ وَالذَّبِّ عَنْهُمْ وَسَلَامَةِ الصَّدْرِ لَهُمْ وَمُرَاعَاةِ أَحْوَالِهِمْ وَإِنْصَافِهِمْ فِي الْخِلْطَةِ وَالتَّوْفِيَةُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ صَعْبٌ عَسِيرٌ فَضْلًا عَنْ مُكَابَدَةِ فَهْمِ الْمَسَائِلِ وَالْوُقُوفِ عَلَى مَعَانِيهَا وَغَامِضِ خَبَايَاهَا آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ مَعَ مَا يَنْزِلُ مِنْ النَّوَازِلِ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تَقَعُ فِي زَمَانِهِ كَمَا قَالَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَقَدْ خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الْعُلَمَاءَ بِفَضِيلَةٍ لَا يُشَارِكُهُمْ فِيهَا غَيْرُهُمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْبَدُ بِتَقْوَاهُمْ وَيُعْرَفُ حَلَالُهُ وَحَرَامُهُ بِهِمْ غَيْرَ أَنَّهُمْ مُطَالَبُونَ بِشُكْرِ النِّعْمَةِ مُدَافِعُونَ لِوُجُودِ كُلِّ فِتْنَةٍ وَمِحْنَةٍ وَحَادِثَةٍ وَبِدْعَةٍ انْتَهَى.
وَهَذَا مَقَامٌ عَظِيمٌ إذْ بِهِ يُعْبَدُ اللَّهُ تَعَالَى وَيُطَاعُ وَبِهِ يُنْهَى عَنْ مَعَاصِيهِ وَتُتْرَكُ فَكُلُّ مَنْ تَرَكَ مَعْصِيَةً أَوْ بِدْعَةً فَفِي صَحِيفَتِهِ، بَلْ وَكُلُّ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَعَبَدَ اللَّهَ فَذَلِكَ فِي صَحِيفَتِهِ أَيْضًا.
وَقَدْ «قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِك رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَك مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ» فَكَيْفَ تَكُونُ صَحِيفَةُ هَذَا الْعَالِمِ؟ وَكَيْفَ تَكُونُ مَنْزِلَتُهُ؟ وَكَيْفَ

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 1  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست