responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 1  صفحه : 55
قِرَاءَةً مَنْ إذَا سَمِعْته يَقْرَأُ رَأَيْت أَنَّهُ يَخْشَى اللَّهَ تَعَالَى» .
وَقَالَ: «إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ نَزَلَ بِحُزْنٍ فَاقْرَءُوهُ بِحُزْنٍ؛ فَابْكُوا، فَإِنْ لَمْ تَبْكُوا فَتَبَاكُوا» انْتَهَى كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي التَّحَزُّنِ أَنْ يَكُونَ الْقَارِئُ فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ مُتَلَبِّسًا بِحُزْنِ الْقَلْبِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَتَعَاطَ أَسْبَابَ الْحُزْنِ يُمَثِّلُ نَفْسَهُ أَنَّهُ عَلَى الصِّرَاطِ، وَأَنَّ النَّارَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ، وَأَنَّ الْجَنَّةَ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَهُوَ كَثِيرٌ، وَذَلِكَ؛ لِيَكُونَ ظَاهِرُهُ مُوَافِقًا لِبَاطِنِهِ فَلْيَحْذَرْ أَنْ يُظْهِرَ بِلِسَانِهِ مِنْ التَّحْزِينِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ فَإِنَّهُ مِنْ بَابِ خُشُوعِ النِّفَاقِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَدَنُ خَاشِعًا وَالْقَلْبُ لَيْسَ كَذَلِكَ نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ بِمَنِّهِ.
وَقَدْ رَأَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجُلًا يَمْشِي، وَهُوَ مُنْحَنِي الرَّأْسِ فَضَرَبَهُ بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ: ارْفَعْ رَأْسَك الْخُشُوعُ هَاهُنَا وَأَشَارَ إلَى قَلْبِهِ. فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا وَصَفَ فَيَحْتَاجُ الْخَارِجُ إلَى الْمَسْجِدِ؛ لَأَنْ يَكُونَ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ؛ لِئَلَّا يُعْجِبَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَتَأَثَّرُ قَلْبُهُ عِنْدَ رُؤْيَةِ مَا يَرَى وَكَذَلِكَ مَا يُفْعَلُ فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ غَيْرِ الْجَائِزِ مِنْ جِنْسِ مَا ذُكِرَ مِمَّا تَأْبَاهُ السُّنَّةُ الْمُحَمَّدِيَّةُ، وَذَلِكَ كَثِيرٌ يَطُولُ تَتَبُّعُهُ فَمَنْ وَفَّقَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَطَلَبَ الْعِلْمَ مِنْ أَهْلِهِ تَنَبَّهَ لِذَلِكَ كُلِّهِ فَيَعْرِفُهُ حِينَ رُؤْيَتِهِ، وَقَدْ صَارَتْ كَأَنَّهَا شَعَائِرُ الدِّينِ، وَقَلَّ مَنْ يُنْكِرُهَا فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ.

وَيَنْوِي مَعَ مَا ذُكِرَ نِيَّةَ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فِي حَالِ تَلَبُّسِهِ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَحْضَرَ نِيَّةَ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ إذْ ذَاكَ كَانَ أَعْظَمَ أَجْرًا مِمَّنْ كَانَ غَافِلًا عَنْهَا أَوْ سَاهِيًا.
أَلَا تَرَى إلَى مَا وَرَدَ عَنْهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَامُهُ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَ رَمَضَانَ إلَى رَمَضَانَ» .
وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الصَّوْمِ مَا قَدْ تَقَرَّرَ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مُخْبِرًا عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» فَهَذَا أَجْرُهُ كَمَا تَرَى لَكِنْ لَمَّا أَنْ زَادَ هَذَا نِيَّةَ الْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ زِيدَ لَهُ فِي مُقَابَلَتِهِ مَغْفِرَةً مَا بَيْنَ رَمَضَانَ إلَى رَمَضَانَ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ قَامَ

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 1  صفحه : 55
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست