responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 1  صفحه : 284
لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إلَى الْأُضْحِيَّةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، فَقَدْ فَاتَهُ خَيْرٌ كَثِيرٌ وَهُوَ السَّبَبُ فِي حِرْمَانِ نَفْسِهِ مِنْ هَذَا الثَّوَابِ الْجَزِيلِ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ بِمَنِّهِ، ثُمَّ إنَّ مَنْ يُضَحِّي مِنْهُمْ بَعْضُهُمْ يَعْمَلُ الطَّعَامَ بِلَيْلٍ حَتَّى إذَا جَاءُوا مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ وَجَدُوا ذَلِكَ مُتَيَسِّرًا فَأَكَلُوا هُمْ وَمَنْ يَخْتَارُونَ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَشْتَغِلُونَ بِذَبْحِ الْأُضْحِيَّةِ وَلِهَذِهِ الْعِلَّةِ قَدَّمَ بَعْضُهُمْ الذَّبْحَ بِاللَّيْلِ لِأَجْلِ عَمَلِ الطَّعَامِ فَوَقَعَ فِيمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ ارْتِكَابُ بِدْعَةٍ وَمُخَالَفَةٍ لِهَذِهِ السُّنَّةِ الْجَلِيلَةِ.
وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ يُضَحِّي بِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ ثَوْبَانِ؛ أَحَدُهُمَا يَكْفِيه بَاعَ الثَّانِي وَاشْتَرَى بِهِ الْأُضْحِيَّةَ، وَكَذَلِكَ فِي ثَوْبِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَضْلَةٌ تَدَايَنَ لِيُحَصِّلَ هَذِهِ الْقُرْبَةَ الْعَظِيمَةَ، وَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّاكَ إلَى مَكِيدَةِ إبْلِيسَ اللَّعِينِ وَمَا أَدْخَلَ مِنْ سُمِّهِ السَّمُومِ عَلَى بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ بِتَسْوِيلِهِ لَهُمْ تَرْكَ هَذِهِ السُّنَّةِ الْعُظْمَى، وَحَرَمَهُمْ جَزِيلَ ثَوَابِهَا بِمَا أَوْقَعَ فِي نُفُوسِهِمْ مِنْ الْعِلَلِ الْقَبِيحَةِ الشَّنِيعَةِ فَزَيَّنَ لِكُلِّ أَهْلِ إقْلِيمٍ مَا يَقْبَلُونَهُ مِنْهُ، فَإِذَا قُلْت لِبَعْضِ مَنْ لَمْ يُضَحِّ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ: لِمَ لَا تُضَحِّي؟ فَيَقُولُ: لِي مَعَارِفُ كَثِيرَةٌ وَخَرُوفٌ وَاحِدٌ لَا يَعُمُّهُمْ، فَمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ يَلُومَنِي وَلَا يَلْزَمُنِي أَكْثَرُ مِنْ خَرُوفٍ وَاحِدٍ، وَإِذَا قُلْت لِلْفَقِيرِ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ: لِمَ تَتَكَلَّفُ الْأُضْحِيَّةَ وَهِيَ لَا تَجِبُ عَلَيْك فَيَقُولُ: قَبِيحٌ مِنْ الْجِيرَانِ، وَالْأَهْلِ، وَالْمَعَارِفِ أَنْ يَقُولُوا: فُلَانٌ لَمْ يُضَحِّ فَصَارَتْ هَذِهِ الْقُرْبَةُ بِالنَّظَرِ إلَى فِعْلِهَا وَتَرْكِهَا مَشُوبَةٌ بِالنَّظَرِ إلَى الْخَلْقِ وَتَحْسِينِهِمْ وَتَقْبِيحِهِمْ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ، ثُمَّ اُنْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ إلَى هَذَا الْمَوْسِمِ الْعَظِيمِ كَيْفَ تَرَكُوا بَرَكَتَهُ وَانْحَازُوا عَنْهَا بِمَعْزِلٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ السُّنَّةَ فِي هَذَا الْيَوْمِ «مَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّهُ لَمَّا انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ وَأَمَرَ بِزِيَادَةِ الْكَبِدِ فَصُنِعَ لَهُ، ثُمَّ أَفْطَرَ عَلَيْهِ» تَشَبُّهًا مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَتَفَاؤُلًا بِأَهْلِ الْجَنَّةِ؛ لِأَنَّهُمْ أَوَّلُ مَا يَفْطُرُونَ

نام کتاب : المدخل نویسنده : ابن الحاج    جلد : 1  صفحه : 284
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست