responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 73
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQإعَادَةَ أَعْيَانِ الْأَعْرَاضِ الَّتِي كَانَتْ قَائِمَةً بِالْأَجْسَادِ فِي حَالَةِ حَيَاتِهَا تُعَادُ بِأَشْخَاصِهَا، لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ مَا يَطُولُ بَقَاءُ نَوْعِهِ كَالْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ، وَمَا لَا يَطُولُ كَالْأَصْوَاتِ، كَمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا كَانَ مَقْدُورًا لِلشَّخْصِ كَالضَّرْبِ وَالْقِيَامِ وَغَيْرِهِ كَالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَرَجَّحُوا أَيْضًا إعَادَةَ جَمِيعِ أَزْمِنَتِهَا الَّتِي مَرَّتْ عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا تَبَعًا لِلذَّوَاتِ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعِيدُ الْأَجْسَامَ بِأَزْمِنَتِهَا وَأَوْقَاتِهَا كَمَا تُعَادُ بِأَكْوَانِهَا وَهَيْئَتِهَا، لِوُرُودِ ظَاهِرِ الْقُرْآنِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56] ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْرِيَّةِ بِحَسَبِ الزَّمَانِ، وَإِلَّا فَالْجُلُودُ هِيَ الْأُولَى بِأَعْيَانِهَا إذْ هِيَ الَّتِي عَصَتْ، فَيُعَادُ تَأْلِيفُهَا إذَا تَفَرَّقَتْ وَأَعْيَانُهَا إذَا عَدِمَتْ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا بِرَدِّ الشَّمْسِ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَرُدَّتْ» فَلَوْلَا أَنَّ الْوَقْتَ يُعَادُ لَمْ تَكُنْ صَلَاتُهُ بَعْدَ رَدِّ الشَّمْسِ أَدَاءً وَلَمْ يَكُنْ لِلرَّدِّ فَائِدَةٌ. عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِحَبْسِهِ نَفْسَهُ فِي حَاجَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَتَّى فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَصَلَّاهَا بَعْدَ رَدِّهَا أَدَاءً، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَمْنَعُ إعَادَتَهَا لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ اجْتِمَاعِ الْمُنَافِيَاتِ كَالْمَاضِي وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ، وَأَجَابَ صَاحِبُ الرَّاجِحِ بِأَنَّ الْإِعَادَةَ عَلَى سَبِيلِ التَّدْرِيجِ حَسْبَمَا مَرَّتْ فِي الدُّنْيَا لَا دَفْعِيَّةٌ، وَنَظِيرُ هَذَا الْإِشْكَالِ يَأْتِي فِي إعَادَةِ الْأَعْرَاضِ؛ لِأَنَّ مِنْهَا الطُّولُ وَالْقِصَرُ وَالصِّغَرُ وَالْكِبَرُ وَالْعِلْمُ وَالْجَهْلُ وَالصِّحَّةُ وَالْمَرَضُ، وَجَوَابُ مَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ إعَادَتَهَا تَدْرِيجِيَّةٌ عَلَى حُكْمِ مَا قَامَتْ بِهِ فِي الدُّنْيَا.
الثَّانِي: عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: كَمَا بَدَأَهُمْ يَعُودُونَ أَنَّ الْعَبْدَ يُبْعَثُ وَيَخْسَرُ كَمَا نَزَلَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، وَجَمِيعَ مَا قُطِعَ مِنْهُ يَرْجِعُ لَهُ فِي الْقِيَامَةِ حَتَّى الْخِتَانُ، وَلَا يُقَالُ: الْمُمَاثَلَةُ لِمَا وُلِدَ يَقْتَضِي أَنْ يُبْعَثَ بِلَا أَسْنَانٍ وَلَا لِحْيَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْمُرَادُ لَا يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ مِمَّا وُلِدَ فَلَا يُنَافِي الزِّيَادَةَ عَمَّا وُلِدَ بِهِ.
قَالَ الْحَلِيمِيُّ: وَسُئِلَ بَعْضٌ عَمَّنْ قُطِعَتْ يَدُهُ فِي حَالِ إسْلَامِهِ وَارْتَدَّ وَمَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ أَتُبْعَثُ يَدُهُ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالْأَوَّلِ فَيَلْزَمُ أَنَّ الْيَدَ تَدْخُلُ النَّارَ وَلَمْ تُذْنِبْ، وَإِنْ قُلْتُمْ بِالثَّانِي فَيُخَالِفُ قَوْلَكُمْ يُبْعَثُ كَمَا وُلِدَ، فَالْجَوَابُ: إنَّا نَخْتَارُ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْيَدَ تَابِعَةٌ لِلْبَدَنِ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْجُزْءِ إنَّمَا هُوَ بِمَجْمُوعِ الْهَيْكَلِ.
الثَّالِثُ: قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ الصَّحِيحَ عُمُومُ الْبَعْثِ حَتَّى مَنْ لَا عِقَابَ عَلَيْهِ مِنْ بَنِي آدَمَ وَلَوْ سِقْطًا حَيْثُ أُلْقِيَ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ وَوَقَعَ خِلَافٌ فِي غَيْرِ الْإِنْسَانِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَالصَّحِيحُ بَعْثُهُ.
قَالَ الْعَلَّامَةُ الْقُرْطُبِيُّ فِي قَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: 38] . أَيْ الْجَزَاءُ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» فَدَلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّ الْبَهَائِمَ تُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا قَالَ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو ذَرٍّ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمْ وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ} [التكوير: 5] وَفِي رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ: «يَحْشُرُ اللَّهُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْبَهَائِمَ وَالدَّوَابَّ وَالطَّيْرَ وَكُلَّ شَيْءٍ، مِنْ عَدْلِ اللَّهِ يَوْمِئِذٍ أَنْ يَأْخُذَ لِلْجَمَّاءِ مِنْ الْقُرَنَاءِ» ، وَسِوَى هَذَا لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. لَا يُقَالُ: غَيْرُ الْإِنْسَانِ مِنْ ذَوِي الرُّوحِ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ الْقَلَمُ فَلَا يُؤَاخَذُ. قُلْنَا: بَلْ يُؤَاخَذُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ تَحْقِيقًا لِلْعَدْلِ لَا لِارْتِكَابِ ذَنْبٍ، وَجَرْيُ الْقَلَمُ إنَّمَا هُوَ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ، فَالصَّحِيحُ الْقَوْلُ بِحَشْرِ كُلِّ ذِي رُوحٍ غَيْرِ الْآدَمِيِّ كَمَا قَدَّمْنَا، وَأَمَّا الْجَمَادَاتُ وَسَائِرُ مَا تَحِلُّ فِيهِ رُوحٌ فَقَالَ الْأُجْهُورِيُّ: لَا تُبْعَثُ اتِّفَاقًا، وَقَالَ اللَّقَانِيُّ: وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «بَعْثُ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ وَالْأَشْهُرِ وَالْأَعْوَامِ لِلشَّهَادَةِ لِلْإِنْسَانِ وَعَلَيْهِ بِالطَّاعَةِ وَالْآثَامِ» فَلَعَلَّ مَا نَقَلَهُ الْأُجْهُورِيُّ مِنْ نَفْيِ الْبَعْثِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تُبْعَثُ لِلْجَزَاءِ، فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تُبْعَثُ لِلشَّهَادَةِ أَوْ لِلْقِصَاصِ فِيمَا بَيْنَهَا لِمَا رُوِيَ مِنْ زِيَادَةِ بَعْضِ الرُّوَاةِ: وَيُقَادُ لِلْحَجَرِ الَّذِي رَكِبَهُ حَجَرٌ مِثْلُهُ وَمِنْ الْعُودِ الَّذِي خَدَشَ غَيْرَهُ.
الرَّابِعُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ عُمُومِ الْبَعْثِ لِسَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ أَوْ الْحَيَوَانَاتِ فَقَطْ دُخُولُ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُمَا مِنْ خَوَاصِّ مَنْ شَأْنُهُ التَّكْلِيفُ، بَلْ بَعْدَ تَمَامِ الْقِصَاصِ عَلَى مَا مَرَّ، يَصِيرُ الْحَيَوَانُ الْبَهِيمِيُّ تُرَابًا سِوَى عَشْرٌ مِنْهُ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ الْجَنَّةَ: بُرَاقُ الْمُصْطَفَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَنَاقَةُ صَالِحٍ، وَكَبْشُ إسْمَاعِيلَ، وَعِجْلُ إبْرَاهِيمَ، وَهُدْهُدُ بِلْقِيسَ، وَنَمْلَةُ سُلَيْمَانَ، وَحِمَارُ الْعُزَيْرِ، وَكَلْبُ الْكَهْفِ، وَحُوتُ ابْنِ مَتَّى، وَبَقَرَةُ مَنْ بَرَّ أُمَّهُ فِي الرَّخَاءِ وَالْمَحَلِّ.
الْخَامِسُ: لَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ صِفَةَ الْبَعْثِ وَبَيَّنَهَا الْعُلَمَاءُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: «بِأَنَّهُ إذَا صَارَ الْعَظْمُ رَمِيمًا وَلَمْ يَبْقَ إلَّا عَجْبُ الذَّنَبِ وَهُوَ آخِرُ سِلْسِلَةِ صُلْبِهِ فَيَأْمُرُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَطَرٍ يَنْزِلُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ كَمَنِيِّ الرِّجَالِ يُحْيِي اللَّهُ الْخَلَائِقَ مِنْ ذَلِكَ كَمَا كَانُوا أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَيَجْمَعُ اللَّهُ الْأَرْوَاحَ فِي قَرْنٍ مِنْ نُورٍ فِيهِ ثَقْبٌ عَلَى عَدَدِ الْخَلَائِقِ، ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ إسْرَافِيلَ بِالنَّفْخِ فِي الصُّورِ مَرَّةً ثَانِيَةً وَتُسَمَّى نَفْخَةُ الْبَعْثِ فَتَخْرُجُ كُلَّ رُوحٍ مَزْعُوجَةً مِنْ قَبْرِهَا فَيُحْيِيهِمْ اللَّهُ» . وَرُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ عَامًا، الْأُولَى يُمِيتُ اللَّهُ بِهَا كُلَّ حَيٍّ، وَالْأُخْرَى يُحْيِي بِهَا اللَّهُ كُلَّ مَيِّتٍ، ثُمَّ يَنْزِلُ مِنْ السَّمَاءِ مَاءٌ وَفِي بَعْضِهَا مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ كَمَنِيِّ الرِّجَالِ فَيَنْبُتُونَ كَمَا يَنْبُتُ الْبَقْلُ بَعْدَ فَنَائِهِمْ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا عَجْبُ الذَّنَبِ يُرَكَّبُ عَلَيْهِ جَمِيعُ أَجْزَاءِ الْجَسَدِ

نام کتاب : الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني نویسنده : النفراوي، شهاب الدين    جلد : 1  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست